ملهاة النخبة اليمنية
الجمعة 05 أكتوبر ,2018 الساعة: 11:17 مساءً

أربعة اعوام من الحرب أكلت الأخضر واليابس.

 انكمش الاقتصاد إلى النصف ونشأت سوق سوداء نشطة تمتص الأموال وتثري القطط الجديدة في مناطق سيطرة الحوثيين حيث الكثافة السكانية الأكبر.

 

بالمقابل تشكلت دوائر فساد في الجنوب ومأرب قريبة من رأس السلطة تمتص ثروة بلد منهك.

 

تقارير أممية تحذر من نقض الغذاء وسوء التغذية وانهيار الأمن الغذائي واقتراب مرحلة المجاعة.

 

كل نخبنا تعيد وتكرر استخدام البيانات الأممية وتطالب تارة بإيقاف الحرب، وتارة بإيقاف القصف وتارة بإحلال السلام وتارة بوقف حصار التحالف...!

 وهكذا تخبطت في أفكارها وتهربت من إدانة منبت الخراب.

 

تستنكر هذه النخب حالة التجويع وتستخدم صورا مؤلمة،  وتتناقل أخبارا مفزعة عما وصل إليه الحال في معيشة اليمنيين.

 

وعندما خرجت مظاهرة شعبية واسعة تتضمن تعبيرات غاضبة ومتشنجة وترفض هذا الواقع وتتهم الجميع بالتسبب فيه تم التشكيك بالمظاهرة ونفي اتصالها بالجوع.

 

وأول من شكك بهذه المظاهرات هي النخب نفسها التي كانت المجاعة هي موضوعها الأول والأخير في استنكار الحرب.

 

ثاني من شكك في المظاهرات هي شخصيات محسوبة على حكومة لا تستطيع اغتنام السانحة وتعزيز موقفها أمام التحالف بعد أن فرض عليها صيغة هوان واستصغار،  ولا هي قادرة على تأكيد شرعيتها والاستجابة لمطالب الناس بعد أن أصبح الجوع أمرا لا يمكن المزايدة به ولا تكذيبه،  بالتالي عليها معالجة الفساد والاختلال في الأداء والعودة الى الوطن والخروج من الإرتهان والمنفى.

 

كما لم تتمكن هذه الحكومة من توظيف هذه المظاهرات بما يخدم شرعيتها وتحاجج بأن الناس تطالبها بالمعالجات إعترافا منها بها وتأكيد لها وتعزيزا لشرعيتها؛  بالتالي فهي ليست معزولة وإن  كانت في المنفى وأن الاستيلاء بحكم الأمر الواقع على المؤسسات في عدن أو صنعاء، لا يمنح هذه الجماعات أي شرعية، وعليها أولا التخلي عن نهجها الانقلابي والتراجع عنه.

 

أما حزب الإصلاح فلقد وصل الى أوهن مراحله،  وسارع في نفي التهمة عنه إتقاءا لشر قد يأتي من التحالف الذي  يتربص به وجعله يسبق في نفي التهمة التي لم تحصل بعد وانفصل عن المجتمع ومطالبه.

 

والظريف في الأمر هو موقف المجلس الانتقالي الذي يدعي إمساكه بزمام الأمور والسيطرة على مقاليد الإدارة في عدن ومناطق جنوبية أخرى، بمعنى أنه الجهاز التنفيذي، لكنه يدين فساد الحكومة ويطالبها بالمعالجات العاجلة وإلا فإنه سيعلن حكمه الذاتي!

 

هذه النخب الزائفة، التي تُمارس الصراخ دائماً، تؤكد مرة أخرى كم هي منفصلة عن واقعة اليمنيين وقاصرة عن قراءة ما يدور في الشارع أو التعبير عن تطلعات الناس وأوجاعهم.

 

وكل مرة يحدث حدث جاد، تأتي ردود الفعل النخبوية هازئة قاصرة ومتعالية على الوجع وعلى الواقع. فتجعل من الحدث والألم مادة للمناكفة وتسجيل نقاط الفوز الرخيص والظهور الشخصي والتنميط وتمييع القضايا والمواقف.


Create Account



Log In Your Account