خروج كتائب أبو العباس المفاجئ من المدينة القديمة لم يكن لغرض حقن الدماء كما يسوق البعض، بل كان جزء من مخطط وضغط خارجي لتسويق الخروج بأنه تهجير، وهذا ما اتضح ببيان قد أصدرته الكتائب بعد خروجها باعتباره تهجير، الهدف منه إثارة الرأي العام الداخلي والخارجي ضد الحملة الأمنية واللجنة الأمنية عموما وهنا تكمن خطورة هذا الفصيل الموجه من الآخرين.
والحق أن الكتائب غادرت المدينة بأطقم عسكرية ومدرعات حربية وترافقها قوات من اللواء الخامس حرس رئاسي من نقطة ولحظة انطلاقها وحتى منطقة البيرين وكل الوثائق الإعلامية أثبتت أن من غادر لم تكن عائلات كما ذكرت الكتائب في بيانها المتباكي لكن المغادرين محاربين مدججين بمختلف أنواع الأسلحة.
استنزاف القضايا الحقوقية بهكذا عمل ممنهج قد يضرب روح القانون الإنساني، بل وقد يضر بالمشروع المدني الذي يتعاطى مع مختلف القضايا ومنها الحقوقية بكل حساسية إنصافية لا تقبل الإتجار بها أو المراهنة على العبث بها أي كان العابث، وهذا هو السبيل لبناء الدولة كأرضية مشتركة يعيش ليتعايش بها الجميع، بعيدا عن استنزافات الأحداث والمواقف والتضحيات بإيعازات ابتزازية كتوجيهات تقوض أي مستقبل مدني طالما وهناك من يستغله لإحداث فجوات من هذا النوع، سيما وقد اتضحت نوايا أو أعمال أو تحركات "كتائب أبي العباس" التي غادرت المدينة وفق كل اتفاقات ووساطات ومباحثات وتقديرات رسمية وشعبية قد أشرفت عليها وباركتها مؤسسة الرئاسة ممثلة برئيس الجمهورية الذي بارك عمل السلطة المحلية واللجنة والحملة الأمنية.
هذا لا يحتاج لأي تأكيد خاصة مهاتفته لمحافظ محافظة تعز الأستاذ نبيل شمسان بذات الليلة من مغادرة الكتائب في 27 إبريل 2019 م وهي المهاتفة التي قصمت ظهر البعير.
توازيا مع استنهاض الكتائب -كنوع من استفزاز- للوسطاء في قائمة الضاغطين "الخارجيين" للقيام بدورهم في إيصال الرسالة "العباسية" لاعتبارها قضية رأي عام عالمي جاءت أسلوبية صياغة البيان "الملثم" والمليء باستعطافات الرأي العام بدرجة أساس وخاصة بعد إثارته ضدها بعد ما ثبت عن بعض أفرادها "أداؤهم الصرخة جهرا" لحظة مغاردتهم المدينة، وهذا باعتقادي شوه كل ملامح الصورة "العباسية" -بغض النظر عن دوافع ذلك الصراخ، وقد يكون أشبه بردة فعل عفوية كغيره من شعارات داعشية لم تكن متاحة في مدينة تعز أو مألوفة- لكن ذلك حصل فعلا ما جعلها تطلق بيانها الإستعطافي كجزء من تبرير لموقفها الأضعف حجة ولغة وسياسة وذكاء وأضعف قيلا.