من طلع شرب
الأحد 30 يونيو ,2019 الساعة: 11:26 مساءً

لماذا عندما تخرج مسيرة لصالح طرف ما، يسارع الطرف الآخر إلى شيطنتها وتخوين المشاركين فيها ؟

.. لماذا تحرص طبول ومزامير هذا الطرف على إضفاء القداسة وروح الوطنية العالية، على المشاركين في أي مسيرة أو مظاهرة أو محفل سلمي، لصالح توجههم أو من يتوافق مع هواهم أو قل _ وربما هذا هو بيت القصيد _ من يعيد شحن نشاط هذا الفريق .. وفي لمح البصر، يصادرون هذه الحقوق على الغير من أتباع وأنصار الطرف الآخر، ولايذهبون إلى مصادرة حق هذا الطرف الذي شرعوه لأنفسهم في التعبير السلمي ( مع أن معظم إن لم يكن كل فعاليات التعبير السلمي هذه الأيام تخرج عن جوهر السلمية وآداب وأخلاق الممارسة السياسية الحقة، وتتعداها الى تجاوز الخطوط الحمراء بما ترفع من شعارات وما يردد فيها من هتافات وما تحملها بياناتها ) بل يتمادوا الى ماهو أبعد من ذلك، بكيل تهم التخوين والعمالة على المشاركين، وكيف أنهم ذوي دفع مسبق ولا يتورع هؤلاء، وبعضهم للأسف يعدون من قوائم الصحافة والكتاب، على أن يلصقوا بالمشاركين الذين لايأتون على هواهم، أو للمسيرات التي لا تدخل مزاجها بأنها تبع الحزب الفلاني، أو الدولة العلانية ..!
لم أعد أجد فيما أرى ما حولي، خلال السنوات الأربع الماضية تحديدا، شخصا نظيفا وفق منطق وقانون هؤلاء .. فكل طرف لطخ ما يشاء ومن يشاء وأصبح الكل ملطخ إلا من نأى بنفسه وآثر بلع لسانه غيضا وكمدا، بالإمتناع عن ممارسة حقه في التعبير عن رأيه وموقفه، خشية أن تطاله تهم أقلها العمالة والإرتزاق، أو يجد نفسه محشورا غصبا عنه في نظر هذا الطرف في قوائم العدو الذي ينبغي سلخه وسحله والتربص به!

حاولت جاهدا، مرارا وتكرارا، أن أجد مبررا لمواقف هؤلاء، وكيف لهم أن ينادوا بالديمقراطية والتعدد وقبول الآخر .. وكيف أنهم في الممارسة، عندما يكون الفعل لهم، يتشبثون بهذا الحق ..ولكن عندما يكون الحال مغايرا ويصبح من قام بممارسة هذا الفعل السلمي والديمقراطي الطرف الآخر فإنهم يرفضون التعاطي مع هذا الحق، بل يعملوا على تأليب الناس عليه ويشيعون أن له أغراض ودوافع أخرى خفية وغير وطنية، ترتبط بأجندات قوى مشبوهة وخارجية.

متى نترفع عن صغائر الأمور ونمارس الفعل الديمقراطي الذي نتمناه ونحلم به كما ينبغي، ولو بأقل قدر من اشتراطاته ..وما نرضاه لأنفسنا نرضاه لغيرنا .. ولا نشتط ونفجر في الخصومة، ونبقي على شعرة معاوية بيننا وندرك أن الإختلاف لا يفسد الود بيننا وأن ماتراه صوابا ليس بالضرورة أن يكون خطأ عند الآخر .. والممارسة السياسية بحر عميق متلاطم الأمواج والتيارات.. ومن طلع منه شرب ..

ولنا في ماضينا القريب دروس وعبر، ومن هو صديق اليوم ،قد يصبح غدا عدوا وهاهو من كان في طرف العدو بالأمس قد غدى صديقا مقربا.. وأن المصالح في السياسة تتبدل على الدوام ..

مادفعني لهذا البوح متابعتي لمسيرة عتق الأسبوع الماضي، ومسيرتي سقطرى الأسبوع الماضي واليوم. 


Create Account



Log In Your Account