المشتقات النفطية.. أزمة السماسرة
السبت 12 أكتوبر ,2019 الساعة: 07:28 مساءً

في رسالة عبدالله السعدي، مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، الموجهة لوكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة بخصوص الأزمة الإنسانية والإقتصادية التي يعاني منها الشعب اليمني في مناطق الانقلاب الحوثي نتيجة توجه الحكومة الشرعية لتطبيق القرار رقم 49 لعام 2019 المتعلق بإعادة العمل بآليات استيراد المشتقات النفطية من قبل مصافي عدن وآليات التوزيع الخاصة بها.

 

هذا القرار الذي تستهدف به الحكومة توريد الضرائب والجمارك والعوائد الأخرى المحصلة إلى حسابات الجهات المعنية في البنك المركزي اليمني.

 

لكن هذا القرار الذي في ظاهره الرحمة، لم يكن باطنه إلا مليئا بالعذاب للمواطن اليمني.

 

أن تحاول الحكومة التحجج بتحصيل إيرادات رسوم وجمارك بعذر دفع الرواتب، ليس إلا كذبة كبيرة ومزايدة على حساب الشعب، لأن إجمالي مبلغ الرسوم لا يساوي شيء أمام مبلغ الرواتب الذي يصل إلى اثنين مليار ونصف دولار حسب الموازنة التي أعلنتها الحكومة بداية العام.

فالموضوع برمته ليس إلا خلافا على عمولات السماسرة، لا أكثر من ذلك ولا أقل.

 

في عدن، رغم أن الحكومة تعرف أن مصافي عدن غير قادره على التكفل بتمويل شراء المشتقات النفطية وأن القصه كلها ليست إلا شرعنة لاحتكار استيراد المشتقات النفطية بواسطة الشركة التابعة لأحمد صالح العيسي، نائب مدير مكتب رئيس الجمهورية للشؤون الإقتصادية، ومع ذلك الحكومة أصرت على إصدار القرار وتنفيذه ليخدم مصالح العيسي ومن ورائه في الرئاسة.

 

في الحديدة، تحاول الحكومة فرض القرار على الحوثيين بحجة تحصيل إيرادات رسوم وجمارك المشتقات، رغم أنها تعرف أن الحوثي هو من يسيطر على الأرض و يتمترس وراء المدنيين ويتخذهم دروع بشرية، ليس في الحرب فقط، بل في الاقتصاد كذلك.

 

وقرار مثل هذا لايمكن تطبيقه طالما والحديدة وميناءها لا زالوا تحت سيطرة الحوثيين.

 

أصل الحكاية يعود إلى أن تصاريح رسو البواخر في الحديدة وأي ميناء من موانئ الجمهورية لا يتم إلا بورقه موقعة، ومختومه من مكتب الرئيس هادي ترسل بعد ذلك إلى قيادة التحالف للسماح للبواخر بالرسو في الميناء.

 

ومنذ بداية الحرب، من يسيطرون على مكتب الرئاسة، يستلمون عمولاتهم أولا بأول وبينهم تنسيق وتواصل مستمر مع الحوثيين.

 

من هذه النقطة يمكن لنا أن نفسر الهدف الحقيقي وراء إنشاء ما يسمى باللجنة الإقتصادية، لأنه لا معنى لوجود لجنة، المفروض أن دورها استشاري بحت، لتصبح بعد ذلك ذات مهام تنفيذية تدريجياً و من ثم تستبدل بمكتب فني وما إلى ذلك من عبث.

 

ففي الوضع الطبيعي وفي حالة مثل حالة الحرب التي تمر بها البلد، يتم تشكيل لجنة لمواجهة مشاكل الإقتصاد ويضم فيها الوزراء أصحاب العلاقة بالملف الإقتصادي مثل وزير المالية ووزير التجارة والبنك المركزي وغيرهم من المختصين.

 

تستطيع هذه اللجنة الاستعانة بمن تحتاجه من خبراء وأقتصاديين، كل بحسب المهمة المنوط بها. لكن أن يتم تحييد الوزارات المعنية ومؤسسات الدولة واستبدالها بلجنة غير قانونية لتتحكم بمصائر الناس، فهذه اللجنة ليست إلا أداة بيد المافيا الموجودة في الرئاسة و لعبة رخيصة للتربح والتنفع من قبلهم.

 

إدخال اليمنيين في لعبة مصالح لا ناقة لهم فيها ولا جمل ليس من المروءة في شيء. لأن خلافات العيسي والعليمي وجلال هادي على مصالحهم مع الحوثي لن يتحمل تبعاتها الا المواطن المطحون.

 

الحوثي في النهاية هو من يسيطر على الأرض ولا تعنيه معاناة الشعب. الحوثي هو من يغلق المعابر في تعز منذ خمس سنوات.

 

الحوثي هو من يغلق مطار صنعاء ويزايد بهذه القضية أمام العالم. الحوثي هو من يحتجز الباخرة صافر ويطلب فدية ثمانين مليون دولار لإطلاقها.

 

الحوثي هو من يخلق الأزمة تلو الأخرى ليزيد معاناة المواطنين ويضغط بهم على الحكومة الشرعية والمجتمع الدولي.

 

 

وعليه، بدلاً من زيادة معاناة المواطنين بحجة تحصيل رسوم لا تتجاوز بضع عشرات من الملايين في أحسن الأحوال، عى الحكومة أن تكثف جهودها نحو استعادة سيادتها من دول التحالف و إعادة تشغيل حقول النفط المتوقفة واستئناف تصدير النفط والغاز المسال ووقف النهب والتهريب المستمر للنفط الخام، والتركيز على إيرادات الموانئ والجمارك والضرائب في مناطق ومنافذ الشرعية، بالإضافة إلى إقناع المانحين والمنظمات الدولية أن تورد مبالغ المساعدات إلى البنك المركزي.

 

قبل هذا وذاك ، عليها التوقف عن العبث في النفقات الخاصة بالجنود الوهميين في الجيش اليمني والبطالة المقنعة في سفارات اليمن الموزعة على قارات العالم، بالإضافة إلى مسؤوليها المقيمين في الخارج ويتقاضون بالدولار دون أن يكون لهم مهام أو فايدة تذكر.


Create Account



Log In Your Account