من أهداف التسلل السلالي في اليمن ..
الجمعة 06 ديسمبر ,2019 الساعة: 09:39 مساءً

منذ ما بعد الخليقة -كأقدم مراحل التاريخ المتقدم والذي شهد تأسيس أقدم الدول اليمنية، وفي أتعس الساعات المأزقية في تاريخ هذا البلد وبتواز متجدد مع العصور المتقدمة أو المتأخرة تكتسب اليمن أكثر حالاتها الاستمازية المتصلبة ذات كل أبعاد التصلب الثلاثية أو الرباعية أو التي تتكئ عليها أجيال جاء منها عمالقة تاريخيون، وفلاسفة تاريخيون رصدوا كل جوانب القوة والضعف والصعود والهبوط والتفوق والانكسار، والانحسار والتمدد، والانتصارات والهزائم، وتفاصيل لا تحصى وحتى اللحظة التي نحن بصدد الحديث عنها كلحظة مرحلية مفصلية بكل سمات الأبدية كحالة لحروب وصراعات تكررت وقد تتكرر ما تكرر الليل والنهار، ولكن السؤال :ماهي مخرجاتها إيجابا وسلبا؟

اكتسبت الأمة اليمنية بالخبرة وبالتجربة مهارات تراكمية كوسائل لنبذ التحارب أو للتقارب ولتماسك القوى كصانعة للموقف اليمني الوحدوي الذي شاخ الموقف شرقا وغربا لكنه لم يصب بشيخوخة أبدا مهما تكالبت عليه ظنون الحال وجنون الآخر والآخر الداخلي حتى من يتنفس اليمن هواء نقيا وتتنفسه حقدا وكيدا وغصصا ومصائب وابتزازات لا خير فيها سوى التمزق على يديه كجزء من مشروعه النكبوي النبوي حد قوله، وهو حق أراد به الباطل الذي شهد عليه كل يمني منذ القرن الثاني الهجري وتحديدا منذ 284 للهجرة النبوية كتوقيت للدخول السلالي الفارسي "الرسي" إلى أرض اليمن الحميرية تحديدا إلى محافظة "صعدة" البيئة الحميرية هي الأخرى وموطن المؤرخ الحميري الأشهر "نشوان بن سعيد"، من ينتمي لإحدى أشهر القبائل الحميرية الشمالية الممتدة إلى أعماق الجزيرة العربية.

 

منذ ذلك الحين "القرن الهجري الثاني" والحميريون يعانون صنوفا من حالات التفكك والتمزق والتصادم وصراعات بينية متعددة الأشكال "وأغلبها مسلحة" هكذا أراد لها مشروع السلالي "الرسي" الذي استثنته الظروف الهشة ليكون بطلا يمنيا وبالوكالة عن كل اليمنيين الحميريين أهل الأرض والمشروع والقضية والتاريخ العريق الذي لم يبخل بشيء حتى يتعارف اليمنيون كحميريين ولكنهم قوم يجهلون تاريخهم لأسباب تجهيليه "سلالية" وتضليلية سلالية أيضا، ومن حينها مر أكثر من ألف ومائتي عام من استبداد الحاكم بأمر الله "السلالي"، وهي دعوى الحق الإلهي، ووجوب الحكم "للبطنين" ومن هذه القفزات التائهة مثل تيهان أكثر من ألف عام من تاريخ هذه الجماعة التتويهية التجريفية العبثية الهمجية الاستعبادية المتعجرفة التي صدرت مشروعها السلالي بمؤسسات الدولة اليمنية مدنية وعسكرية، منها إلى الفكرية اليمنية كعقلية تأثرت سلبا بنسبة جدا مؤثرة.

 

لم يستفد المجتمع اليمني من هذا المشروع السلالي بقدر استفادته بالسيطرة المحكمة على كل مجتمع اليمن ومشروعها السياسي والثقافي والعسكري، حتى مشروعها السيادي المتمثل بنظام الحكم الجمهوري سيما بعد ثورة 26 سبتمبر 1962م وحتى اللحظة الراهنة والتي لا تزال تعاني من هيمنة وتأثير ذلك المشروع السلالي القادر على صناعة الأزمات وإدارتها بطريقته حسب توجهاته وتوجيهاته وهذا ما نلحظ حركته الخشنة والناعمة في ما نعيشه ونعايشه في المرحلة اليمنية سارية المفعول المنتكس بصورة يندى لها الجبين ويخجل منها أي تحليل استراتيجي أو سياسي أو غيره سوى تحليل الجثث المتعفنة في حافظات الموتى من الحرب ومن أمراض ناتجة عنها وأمراض أخر، وليس أبشع من أمراض العقليات التائهة والتي فخختها حملات الكراهية، والثارات السياسية التراكمية، وظلم ذوي القربى، بل تطاولها لتجريف الآخر "الأخ" وإقصائه وشن حملات التحريض عليه بل ولقتله في أسوأ الحالات، وهو ما نجح فيه مشروع السلالة الحوثية الاستبدادية التي شعرت بأن ثورة الحاضر اليمني نبذتها ووقفت في وجهها بالشراسة الحربية التي لم تتصورها بأي حال، ما جعلها تحث الخطى التآمرية لزعزعة البلد أمنا واستقرارا عبر أدواتها الخفية، وبأجهزتها النافذة في جهاز الدولة المتهاوية بانقلاب تلك الجماعة المشؤومة كانقلاب مشئوم هو الآخر في 21 سبتمبر 2014 م فكان لها ردة الفعل الأعنف والأسخف معا، لكن لم يسلم أحدا من اليمنيين منه منذ إعلانها الحرب في 2015م إلى لحظة النقش على حجر الصوان القلب لهكذا أحرف هنا وهنالك واقع يراد له أن يتمزق في تعز ويتمزق في مناطق اليمن الجنوبية وربما في مأرب وأخرى.

 

تفوق المشروع السلالي باليمن باستقطاب أكثر قوى العالم نفوذا لثمة تحالفات جيوسياسية وعسكرية ولغيرها كجزء من تبادل لمنافع ولخبرات ولمصالح نفوذ من أجل البقاء، وللإبقاء على هيمنة المشروع الآنف الذكر "السلالي" المتمرس بحبك التحالفات، ونسج المؤامرات، وعقد أي صفقات مطاميعه نوعية التي لم تبدأ بتفاعل الإمام يحيى حميد الدين مع هدنة أو مؤتمر "مودروس" للسلام الدائم بين الأتراك والبريطانيين في أكتوبر 1918م، نتج عنه "يمنيا" "صلح دعان" بين الإمام يحيى والأتراك بنهاية عام 1911م وبهذه الاتفاقية تسلم الإمام يحيى المنشآت والمعدات الحربية وكل المصالح التركية في اليمن كجزء من دعم لوجستي استثني منه الأدارسة الذين واجهوا جبهتين "داخلية إمامية وخارجية سعودية، إضافة لدعم بريطانيا المفتوح منذ فجر عشرينات القرن العشرين لتعزيز أهداف الإمامية السلالية في مناطق نفوذها كجزء من مشروع بريطانيا التي وجب عليها دعمه وإسناده وهو ما عكسه "مؤتمر لوركانا" منتصف عام 1925م بألمانيا بينها وبين بريطانيا والذي سارع بعده البريطانيين لعقد اتفاق مع الإمام يحيى للسيطرة على أكثر مناطق "اليمن الشمالي" أضف لتسهيلاتها لجيش الإمام يحيى بمارس 1925م للسيطرة على الحديدة وأغلب مناطق الساحل والتي كانت تحت سلطة الأدارسة، ولأن مدينة الحديدة وميناؤها كانت تحت الوصاية البريطانية كما نصت اتفاقية 1905م بين بريطانيا والأتراك، فكان لزاما على بريطانيا تأهيل قوى أكثر نفوذا وفتكا مثلها المشروع السلالي الإمامي للقضاء على الأدارسة، علما بأن المشروع السلالي الإمامي اندحر في حروبه بين عامي 1917م إلى عام 1928م مع قبائل "الزرانيق" وهي قبائل تهامية مشهورة بالحروب وبقوى بدنية نادرة في اليمن والتي تمردت على المشروع السلالي عام 1928م وقبلها بعامين أي 1926م كانت تمردت قبائل شافعية تهامية على ذات المشروع، إلا أنهم أي الزرانيق استفادوا من دعم البريطانيين والإيطاليين بالحرب العالمية الأولى أثناء وجودهما في السواحل اليمنية هذا جعلهم قوة محورية إلا أن البريطانيين لم يثقوا بهم ولا حتى بالأدارسة من دعموهم بتلك المرحلة لأنهم رأوا أنهم لن يحققوا خلالهما أهدافا مطامعية كما سيحققونها من مشروع السلالي الإمامي من أكسبوه نقاط قوة تكررت كالتنسيق لجولة حسم أخرى لصالحه كما في مفاوضة 1926م في صنعاء لإيجاد لغة حوار مشتركة بين الطرفين، ترأس وفد البريطانيين الجاسوس المشهور د. ج . كلتون وترأس الوفد الإمامي الإمام يحيى نفسه، ومن خلال اتفاقات وتحالفات بين طرفي مشروع بريطانيا ضمنت تلك الدولة الاستعمارية نفوذا مفتوحا في جنوب اليمن، في حين لم تسلم من نزعته الانقلابية التي كشفت عنها إحدى غاراته بإسقاط ثلاث طائرات بريطانية بالحد الجنوبي من اليمن الشمالي، ثم سارعت لعقد اتفاق بينها وبين الإمام يحيى قبل سبتمبر 1928م لكنه كان قد أوغل بنكث اتفاقاته معها بتواصلاته عام 1924م مع الإيطاليين "الفاشست" وهم الأعداء الحقيقيين مع بريطانيا آنذاك، عمدها الإمام بعقد اتفاقية الصداقة والتجارة مع الطليان عام 1928م لمدة عشر سنوات، ومثلها اتفاقاته عام 1926 م مع الفرنسيين بشأن منظومة الاتصالات ومع الأمريكيين بشأن الطرق ومنها شق طريق صنعاء الحديدة لكنها تعرقلت فغادرت البعثة الأمريكية اليمن لتبدأ حالة استقطابه للاتحاد السوفيتي، إلا أن بريطانيا أبدا لم تخسر حليفها المشروع من فرضته كجزء من نفوذها على الأتراك حاكما "زيديا" في "مؤتمر مودروس" في أكتوبر 1918م نصت عليه سابقا بنود "صلح دعان" عام 1911م بحسب رغبة المشروع السلالي الإمامي فوافقت عليه "الإستانة" كأكبر هيئة دينية سنية للإمبراطورية التركية العظمى من وافقت على قوته الأيدلوجية "السلالية" التي لا تزال اليمن تتجرعها من أحفاده الخارجين عن القانون حتى اللحظة.

 

عدد من الاتفاقيات التي أبرمها الإمام يحيى كجزئية سلالية في مشروع أطول منها اتفاقية عام 1930م بينه وبين الملك عبدالعزيز آل سعود، ثم اتفاقية 1934م مع البريطانيين لتبادل مناطق ومحافظات يمنية منها الضالع ويافع الشماليتين سلمتا للجنوب مقابل محافظة البيضاء بأن تكون شمالية، والأدهى من ذلك أن كل الاتفاقيات سوقت كاتفافيات سياسية لصالح اليمن وفي الخفاء وحده كان مشروع السلالة هو المستفيد أولا، ووحده كان هو المنتصر -أخيرا- وحتى إشعال آخر من الفتنة اليمنية والتي وحده ذلك المشروع السلالي المشئوم هو من يغذيها جهرا بالحرب وإذكاء الصراع، وسرا بتحركاته "الثعبانية" وبتحالفاته من تحت الطاولة التي يجلس هو كأحد أطراف التحالف فيها وفيها أطراف أقليمية ودولية هي وهذا الطرف السلالي المتناسل في كل الأحزاب اليمنية والمكونات السياسية، والمنظمات المدنية والمؤسسات الرسمية طرفا هو صاحب الفخامة، بل هو صاحب المشروع الذي يتناغم ويتجانس مع كل مشاريعهم التآمرية التوسعية الاستحواذية الطامعة إقليمية ودولية، لتبقى اليمن الضحية ومجتمعها أيضا كضحية منذ أكثر من 1200 عاما سلاليا، عددا وعتادا واستبدادا وتفاصيلا لمأساة أو لتغريبة يمنية حميرية لا تنتهي ولن تنته حتى الثورة الوعي.


Create Account



Log In Your Account