المبعوث غير الباعث
الثلاثاء 27 مارس ,2018 الساعة: 07:36 مساءً

# لايبدي الشارع اليمني وقواه السياسية إهتماما كبيراً او تعويلاً يذكرعلى زيارة المبعوث الأممي الى اليمن، ربما من يقين صار لديهم ،إرتكازاً على تجارب سابقة كان بطلاها المبعوثان السابقان لذات المهمة في اليمن، بأن المبعوث الأممي غير باعث على الأمل .
ولذلك فلا توجد حماسة تجاه هذه الرحلة، وإن وجد شيئ من المتابعة فهو من باب الفضول ولايرقى إلى مستوى الإهتمام أو الحرص والتعويل على ما يمكن أن تسفر عنه تلك الزيارة ولقاءات ( وليها الصالح ) مع أطراف مختلفة وليست كل الأطراف في الساحة اليمنية.
صحيح أن ظروف أخرى ترتبط بجولة المبعوث الأممي الجديد، تختلف نوعا ما عن سابقيه ( بن عمر وولد الشيخ ) من حيث جنسية المبعوث الجديد باعتبار بلاده عنصر فاعل ومؤثر في مسار الأحداث ورسم سياسة الأوضاع سواء في اليمن بصورة خاصة أو المنطقة والعالم بصورة عامة،علاوة على أن بريطانيا عضو في مجلس الأمن الدولي.
ومع أن البعض لا يعطي أهمية لهذا الأمر باعتبار أن غريفت مبعوث دولي وليس مبعوثاً بريطانياً ومهمته تتجاوز حدود بلاده وخطها، لكن في الحقيقة ينبغي أن يؤخذ هذا الأمر بعين الإعتبار وأن يُفهم أن له تاثيراً إن لم يكن بصورة مباشرة سيكون بصورة غير مباشرة، بما فيها حرص كثير من الأطراف على إيلاء إهتمام وحرص من باب التودد لبريطانيا، على العكس من الموقف من بن عمر وولد الشيخ باعتبار بلديهما غير ذات تأثير في الشأن اليمني أو الدولي، ولم يُعطَ لهما إهتماماً يذكر حتى في طريقة الترحيب والإستقبال، وإن كان الثلاثة في نفس المستوى من المهمة.
يضاف إلى ذلك الراهن الذي تتم فيه هذه الزيارة عن آخر زيارة للمبعوث السابق ولد الشيخ من حيث تصاعد حدة الأزمة الإنسانية وهو الأمر الذي يؤرق المجتمع الدولي.
كذلك ما أفرزته وقائع المعارك بين الطرفين على الأرض واستعادة قوات الحكومة الشرعية مناطق جديدة كانت تحت قبضة جماعة الحوثي، بالإضافة الى تصاعد حدة الخلاف وظهوره إلى العلن بصورة رسمية بين الشرعية ودول التحالف العربي وبالذات الإمارات، وهو ما عبرت عنه رسالة الحكومة إلى مجلس الأمن رداً على تقرير لجنة الخبراء وكذا المبررات التي أوردها نائب رئيس الوزراء وزير الخدمة عبدالعزيز جباري ووزير الدولة صلاح الصيادي في استقالتيهما، وسبقهما وزير النقل صالح الجبواني في مؤتمر صحفي على خلفية إشكالية إفتتاح ميناء قنا بشبوة، ناهيك عن كتابات كثيرة في مواقع مختلفة، وأيضاً اتساع رقعة السخط الشعبي على دور الإمارات في المناطق المحررة بلغ مداه في الكتابات على الجدران بوصفه احتلالاً وطلب رحيله.
والحدث الأحدث إطلاق جماعة الحوثي سبعة صواريخ على الأراضي في العمق السعودي وهي المرة الأولى التي يتم فيها إطلاق كمية صواريخ دفعة واحدة على السعودية.
صحيح أن القوى الدولية الفاعلة بدأت مواقفها تميل الى ضرورة وضع حد للحرب والبحث عن أٌفق حل وتسوية للأزمة اليمنية، بغض النظر عن مواقف وخطط أطراف الصراع في البلد والتي بلاشك أن أيّ مقترح دولي للحل سيأتي على حساب هذا الطرف أو ذاك، لكن الأهم : هل تتحد مصالح تلك القوى الدولية وتتنازل لبعضها البعض وتفرض حلولها على أطراف الأزمة في اليمن؟
لكن ،مع ذلك، فقد تسلل الإحباط الى نفسيات اليمنييين من مواقف مجلس الأمن المتراخية منذ بدايات الأزمة وعدم جدية أعضائه في تنفيذ قرارات المجلس والضغط على أطراف الأزمة لوقف الحرب والجلوس الى طاولة المفاوضات.
ولعل الجدل الذي يدور عادة مع كل جولة للمبعوث الأممي، من هي الأطراف التي لها الحق وينبغي لها أن تجلس الى طاولة المبعوث ويستمع إلى آرائها ومبادراتها، ففي كل زيارة تتصارع كثير من الأطراف والقوى وتتزاحم لمحاولة الوصول الى تلك الطاولة، وعادة ما ينفض مولد الجولة دون أن تستطيع كثير من القوى والأطراف إيصال رؤيتها وأفكارها إلى المبعوث الأممي، ويظل السؤال قائماً: من هو المعنى بتحديد وإختيار الأطراف والقوى السياسية والمدنية والمجتمعية لمقابلة المبعوث الأممي، ومدى تأثير هذه القوى والأطراف عسكرياً وسياسياً ومجتمعياً، إذ مما لاشك فيه أن هناك قوى سياسية ومدنية ومجتمعية قد لايوجد لها تأثير في الشأن العسكري، ولكن تأثيرها مشهوداً في الشأن السياسي والمجتمعي على الأرض ولا تأت ضمن القوى والأطراف التي يسمح لها بالجلوس ومقابلة المبعوث الأممي، وربما تحمل من الرؤى والأفكار ومشروعات الحل ما هو أفضل وأجدى من أطروحات قوى وأطراف أخرى، يتاح لها في كل مرة الجلوس مع المبعوث الأممي وعرض رؤاها ومبادراتها للحل.
ولذلك فإن ما ينجم عن تلك الجولات الأممية أشبه بذر الرماد على العيون حيث وأن عشرات الجولات ما قبل الحرب وأثناءها لم تؤت أكلها حتى اللحظة، ولا يبدو أن أملاً يلوح في الأفق يمكن أن تتمخض عنه تلك الجولات، ربما لأن نية ( القوم الكبار) لم تتوفر بعد لإيجاد حل للأزمة السياسية في اليمن، ولا زالت لديها أجندات أخرى تسعى لتحقيقها قبل وقف الحرب.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن مخرجات هذه الجولات، لاتستوعب الواقع بكل تفاصيله ولذلك ينبغي على مجلس الأمن ومبعوثه الخاص إلى اليمن توسيع رقعة حواراته والإستماع الى الصوت الىخر المغيب ( الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني ) مهما قل أو كبر شأنها في المجتمع وأن لايكتفي بأصوات أصحاب المدافع، وذلك للوقوف على أدق التفاصيل، ليتسنى بعد ذلك الخروج برؤية شاملة وموضوعية يمكن أن تبنى عليها مبادرات سلام أكثر واقعية وفاعلية.
----------------------------
حصرياً لـ الحرف 28


Create Account



Log In Your Account