الشرعية الجمهورية..
الإثنين 10 فبراير ,2020 الساعة: 07:40 مساءً

الحديث عن الشرعية بمختلف صور التهكم والازدراء كونها غائبة عن الشارع اليمني وربما في كيل التهم لها كظن أنها عميلة أو متراخية او كحية وميتة قد يتسبب بفجوات في المفهوم الوطني الذي هو اعتبار واضع محددات الهوية الوطنية ويصوغ ميثاقا شرفيا كعقد لشراكة حماية وبنيوية ونهضوية وحضارية وتكامل تنموي بين الدولة ومواطنيها وهذا من حيث المبدأ بعيدا عن تداعيات جملة الظروف المتعاقبة لها كدولة تشبهها اليمن، من سلمت أمورها للحكومة الشرعية الحالية في مرحلة جدا حرجة وممتلئة بحروب متدافعة وصراعات وبتقلبات ومشاريع نفوذ دولية وأطماع إقليمية جعلت الشرعية اليمنية في موضع أكثر حرجا أمام شعبها، سيما وهي تقيم خارج اليمن، بعيدة عن أشياء واقعية يفترض وجودها لكن لظروف امنية أو لضرورات لوجستية استقرت خارج الحدود، هذا ما قرره عقلاء العالم -ربما هو كذلك-،
فاستفراغ السخط الشعبي ضد الشرعية يفترض أن يقابل بأجوبة ليست دبلوماسية فحسب بل بإجابات نابعة من وعي السياسي المثقف، والمثقف السياسي لاعتبار أن الشرعية كرمزية لمشروع نضالي وطني تحرري وليست نخبة قيادية في فنادق أو متنزهات أو تهويمات عواصم عربية وأجنبية.. 

الشرعية هي واجهة اليمن الجمهوري الموحد والذي أريقت لأجله دماء وأزهقت أرواح، وراح عشرات الآلاف دفاعا عنها منذ إعلانها كثورة سبتمبرية جمهورية حتى هذه اللحظة، فلا ننشغل بالحديث عن تفاصيل نخبتها القيادية الحالية من جاءت بها إحدى أقسى مراحل اليمن الخشنة كي لا نمنح أي انقلاب فرصة لتمكين شائعاته السامة في جهاز وعينا المجتمعي، بالإضافة لتوظيفه الصحافة الصفراء لتلميع فعلته التمردية السوداء خدمة لانقلابه الأسوأ. 

الشرعية في الأساس ديناميكية لدستورية وجدانية وانتماء وطني وهوية يمنية أزلية مستقرة بمشاعر الحاضنة الوطنية والتي تسعى بتضحياتها لاستعادة الدولة اليمنية المعترف بها دوليا من صدرت بحقها أكثر القرارات صرامة في مجلس الأمن كالقرار 2140 والقرار 2216 ..إلخ، وبالعكس كل العصابات الخارجة عن القانون كانقلابية سلالية أو مناطقية فمصيرها حتما إلى مزبلة التاريخ.

على حكومة الشرعية أن تكون هي الدولة المسئولة عن كل مواطنيها في كل شبر من اليمن المعترف بها دوليا، بعيدا عن أي فصائل انقلابية والتي تشبه إلى حد كبير ثمة أوبئة وفيروسات ستنتهي بالمكافحة كحمى الخنازير والكوليرا وكورونا وغيرها، ومن غير الممكن لها قطعا أن تدوم لأنها تمارس دورا لصوصيا بحتا بعيدا جدا عن المشروع الوطني لأنها مطلقا لن تكون معه، ولن يكون هذا المشروع ضحية مغامراتها الطائشة أو مؤامراتها التاريخية أو أحقادها السلالية أو مهما كلف الثمن.
فالشرعية كرمزية تكمن في اعتباراتها روح الدولة دستوريا وشرعيتها شعبيا وأخرى وجدانيا تستنطق المخيال الوطني الممتلئ بكل قيم التاريخ الحضاري اليمني منذ قيام أول دولة يمنية بعد الخليقة.


Create Account



Log In Your Account