ثورة فبراير وجمهورية اليمن الإتحادي
الإثنين 10 فبراير ,2020 الساعة: 10:22 مساءً

لقد كانت ثورة فبراير محطة تاريخية فرضت نفسها بفعل عدة تراكمات منها سلبية ومنها إيجابية نضالية وهذه التراكمات السلبية أو الإيجابية يتحملها الحكم والنخب السياسية " لهم وعليهم"، بقدر حضورهم وليس هنا محل التفاصيل.

والخلاصة أن ثورة فبراير فعل طبيعي لتراكم الفعل السياسي في الحكم والنخب والشارع، فيه انتقل القرار وقوة الفعل الى الشارع وهذه طبيعة الثورات الشعبية التي يجب أن ينظر لها كفعل شعبي في حالة التقييم والنقد.


ولا يمكن بأي حال أن تصبح فبراير سوطا بيد البعض ضد البعض في الساحة الوطنية بل تجربة. نضال ملهمة وأهم وأوسع إضافة نضالية، كما لا يمكن تحميلها المآلات التي وصلت إليها البلاد وهي مآلات لم تطلبها في أهدافها ولم تصنعها بل صنعت من قبل خصومها الذين مثلوا الثورة المضادة كخصوم للإرادة الشعبية.

من أراد تقييم ١١ فبراير فليقيمها من زاوية الحوار الوطني كنتيجة نظيفة و التي ضمت كل الوطن وألوانه وقواه شمالا وجنوبا في ظاهرة حضارية غير مسبوقة أنجزت وثيقة الحوار كمخرجات لنضال متراكم منذ ثورة اكتوبر وسبتمبر و ميلاد النظام الجمهوري ونتيجة لحوار وطني راقي.

الحوار الوطني ومخرجاته ، الذي اجتمع فيه كل الشعب على الطاولة الوطنية بصورة غير مسبوقة، هو المنجز و المحطة التي أنجزتها ثورة فبراير بشبابها ورجالها ونسائها البسطاء الأنقياء وسلمتها أمانة الى قوى الشعب وشخصياته الوطنية.

فهي لم تقم بانقلاب لصالح أحد بل أنجزت وثيقة حكم انخرط فيها الجميع وسامحت الجميع باعتبار الماضي إرث عام ومرحلة يجب أن تنتهي وندع الماضي وراء ظهورنا.

وكان المفترض أن يتم الإنتقال الى الخطوات التالية وهي الإستفتاء على الدستور ومايليها من مراحل بناء دولة يمنية قوية وعادلة، تنهي حكم الغلبة واحتكار السلطة والثروة بحسب الوثيقة.


لقد استوى قطار اليمن الكبير بقيادة وإرادة شعبية بوثيقة الحوار التي نسجها شباب فبراير بدمائهم دون ثمن أو مقابل سوى مستقبل كريم وقوي وآمن لليمن.

هذا القطار العظيم تم إيقافه أو تفجير عجلاته عن طريق الإنقلاب الذي أعادنا ليس الى ماقبل الحوار الجامع أو الثورة الشعبية ، بل الى ماقبل ثورة سبتمبر واكتوبر نحو ماضي سحيق وما جري ويجري لاعلاقة لثورة فبراير به بل هي نتيجة لثورة مضادة وأطماع مشاريع جشعة تم تنفيذها بواسطة إنقلاب قادته جماعة تحمل مشروعا عدميا لايؤمن بالمواطنة المتساوية ويدعي الإصطفاء العرقي بأبشع صوره، وهو ما تم رفضه من الشعب لينتقل فعل فبراير كثورة الى فعل مقاوم يصطف فيه جميع مناصري الجمهورية والمشروع الوطني واليمن الاتحادي في خندق واحد "أو هذا هو الواجب والمفترض" .

وتحولت فبراير الى شكل آخر من أشكال النضال لينخرط فيه كل المؤمنين باليمن الجمهوري واليمن الإتحادي والحالمين بدولة قوية تنهض باليمن الى مكانتها الحقيقية بما تملك من إمكانيات هائلة في ثرواتها البشرية والمادية وموقعها الحاكم كما تفعل شعوب الأرض التي تحدد مشروعها كهوية وجود من جيل الى جيل .. وهي طبيعة الثورات في الانتقال الى موجات من النضال المستمر حتى تحقيق الأهداف وحتى تصل الى بر الأمان وهو أمر حتمي بفعل سنن التاريخ وتطور الشعوب التي يتحول فيها هم الوطن ومستقبله الى هم يومي للمواطن البسيط ورجل الشارع ...

مرحلة " الثورة الشعبية" وهي مرحلة تدفق الشلال من منابعه المتجددة و الذي يصل مداه ويحقق أهدافا طال الزمن أم قصر، حيث يستحيل إيقافه "والمسألة مسألة وقت وعوائق ظرفية يجرفها الشلال حتما " بحكم تدفقه المستمر والاصيل من العيون والمنابع المنبعثة من عيون الجبال وبطون الأودية.

 


Create Account



Log In Your Account