مسرحية الخذلان في اليمن..
الجمعة 26 يونيو ,2020 الساعة: 07:30 مساءً

مثلما منح اليمنيون رئيسهم تفويضا شعبيا -استنادا إلى الدستور اليمني- ﻹدارة اﻷزمة اليمنية المتمثلة باستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب السلالي الحوثي مثله منح هذا الرئيس المملكة العربية السعودية تفويضا رسميا لذات الإدارة واﻷزمة والحرب والهدف، لاستعادة الدولة وإنهاء اﻹنقلاب وإعادة اﻹعمار وترميم الفجوة الأخلاقية واﻹنسانية والاقتصادية "السحيقة" التي سببتها الحرب، أضف لإطالة أمد الصراع المسبب هو اﻵخر ﻷكبر أزمة إنسانية ووبائية عالمية تشهدها اليمن، ولا تزال تتشكل وتتسع رقعتها وقد تصل إلى المساحات السكانية اﻵمنة ذات أمس، لكنها السياسات الحربية المشتركة المفتوحة والغامضة على اليمن بأنها تصل إلى هذا المستوى اﻹغاثي والوبائي المنهار حد المجاعة والموت الجماعي وبائيا كتلازمة بدأت بانقلاب همجي لا قانوني بصنعاء، مرورا بلا قانونية لهمجية انقلابية في عدن، وحاليا في سقطرى وقد لا تنته في هكذا انقلابات هنا أو هناك، ربما برعاية المفوض الثاني لليمنيين، الذي تجاوز المفوض اﻷول كتجاوزه مبادئ التفويض، وخروجا عليه بل خروجا أيضا عن القانون الدولي ومواثيق اﻷمم المتحدة حيث أدرج مجلس اﻷمن اليمن مبكرا تحت الوصاية الدولية ضمن دول البند السابع، هذا المجلس أيضا منح اليمن عدة قرارات داعمة كالقرار 2140 والقرار 2216 على السعودية وحلفائها تذكر هذه الجزئية والبنود التي تضمنتها هذه القرارات الدولية لتقوم برصد الجهات المعرقلة للتسوية في اليمن، كونها القائدة للتحالف العربي لاستعادة شرعية اليمن ولإنهاء الإنقلاب فيها وإعادة إعمارها واستقرارها، كمحددات يعرفها العالم. 


حزمة المسئوليات القانونية واﻷخلاقية والعسكرية واﻹنسانية والتي يلزم السعودية الوفاء بها لليمنيين أرضا وإنسانا ونظام حكم وأخرى أمور خاصة تدركها الشقيقة الكبرى قائدة التحالف العربي، بل وتحسب لها ألف حساب لاعتبارات تتعلق بتعهداتها دوليا أمام مجلس اﻷمن وهيئات اﻷمم سواء المتحدة أو غيرها، ولن أتهم السعودية بتقصير حتى يتم التأكد عيانا بيانا أنها زودت فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات في مجلس اﻷمن كفريق معني بالشأن اليمني بقوائم المعرقلين للتسوية السياسية في اليمن ﻹبداء ثمة نواياها الحسنة رغم ان هذا من عمل الفريق الذي قد يدرج السعودية ضمن هذه القائمة إذا تأكد أنها فعلا متورطة بما يحصل باليمن سيما المناطق الجنوبية وأرخبيل سقطرى تحديدا حتى هذا الوقت المفخخ سياسيا وعسكريا واقتصاديا وإنسانيا إغاثيا مع انهيار العملة اليمنية لأدنى مستوياتها وتنصل المنظمات اﻹنسانية العاملة باليمن عن أكثر مسئولياتها إغاثيا وتقليص أنشطتها وحصر تحرك العاملين فيها بسبب كوفيد 19 كما أفهم وهو الخطأ بكل تفاصيله ذرائعيا وعليه لا تعفى المنظمات من وجودها اﻹغاثي ودعم مشاريع الوقاية الوبائية الاحترازية لإنقاذ المجتمع اليمني من ثلاثي الموت "صراعات مسلحة ومجاعة زاحفة وأوبئة مؤكدة مداهمة وغيرها ملازمة".

على الجميع -محليا وإقليميا ودوليا- إنقاذ اليمنيين كعمل أخلاقي إنساني أولا، وثانيا كاستحقاق طبيعي لهذا المجتمع المتضرر المنكوب بل الموبوء في أسوأ اﻷحوال، ولكن أغلب مؤشرات الحال الصحي والترصد الوبائي وإفادات التقارير الدولية الموثوقة فإن اليمن مقبلة على واحدة من أكبر نكبات الوبائية بالتاريخ، وقد لا يكون هذا دقيقا بنسبة جادة، ولكن الحقيقة يبدو ذلك أكثر واقعية بناءا على معاناة اليمن إجمالا كقضية مأساوية عالمية أقلقت كل المتعاطفين في العالم، سيما الراصدين للشأن اليمني شمالا وجنوبا.

وفي المقام ذاته أناشد عبر هذا الحرف الأوجع قائدة التحالف العربي بل أناشد شقيقتنا وجارتنا المملكة العربية السعودية بألا تخذلنا كيمنيين وألا تعتبرنا أعداءها كما تروج تقارير استخباراتية ووسائل إعلام مغرضة نتجت عنها تصرفات لا مسئولة خارجة عن الأخلاق والقيم والمثل والقوانين الدولية، كانتهاكات تمارسها بعض دول محسوبة على التحالف والمسئول عنه، وعنها أيضا شقيقتنا الجارة وملكها اﻷب والقائد واﻹنسان، وولي عهده الذي نتمنى بأن يحرص على أن يكتب التاريخ بأنه قاد معركة لاستعادة الشرعية في اليمن وإنهاء الانقلابات فيها، وضمن واقعيا استقرارها فانتصر انتصارا ساحقا، وهذا ما نتمناه، حيث سيكون مخجلا أن يكتب التاريخ أن ستة سنوات من حربه في اليمن أنتجت من انقلاب واحد في صنعاء انقلابا آخر في عدن وآخر في سقطرى وربما غيره في المهرة أو في غيرها -إذا ساءت اﻷمور- وتوهمنا أكثر من اللازم.


Create Account



Log In Your Account