بمناسبة الثورة السبتمبرية في ذكراها 58 .. (خطاب الشعب إلى السلطة)
السبت 26 سبتمبر ,2020 الساعة: 02:48 مساءً

من المعتاد أن يظهر الرجل الأول في السلطة أو من ينوبه ليخاطب الشعب مبينا إنجازاته أو برامجه المستقبلية أو مبديا مآثر الثورة وقيمها السياسية ..

ولقد شبع الناس من تدوين الخطابات المليئة بالكذب والفهلوة ..

وحان الوقت لكي يخاطب الشعب السلطة في زمن استثنائي لم يعد معه الصمت ممكنا ..

وبصفتي مواطن أنتمي إلى هذا الشعب المسحوق ..

أمنح نفسي بعد إذن من عموم المواطنين والقراء والمتابعين حق مخاطبة السلطات نيابة عن الشعب وباسمه في مرحلة تاريخية فارقة ..

أولا : إلى الرئيس هادي ..

لقد تم فرض الإستفتاء الشعبي لاختيارك رئيسا انتقاليا وشرعيا دون أن تخضع للتنافس مع غيرك ليكون اختيارك مقنعا .. وقد تولى الفرقاء السياسيون حسم هذا الخيار تعسفا باسم الشعب دون استشارة أو موافقة ..

ولكن الشعب اليمني رضي أن يستفتى عليك ممثلا مؤقتا للإرادة العامة ومجسدا مؤقتا للشرعية الدستورية ..

غير أنك من أول يوم .. ومن أول خطاب .. ومن أول قرار .. وليت وجهك صوب السعودية والدول الراعية ومنظمة الأمم المتحدة ولم تلتفت إلى شعبك أو تعيره اهتماما ..

وبدلا من أن تكون ممثلا للشعب اليمني فقد مثلت به أسوأ تمثيل وجعلته سبة بين الأمم والشعوب.. واكتفيت بكل قبح بالترفيه على نفسك ومستشاريك ومنتفعيك وعائلتك وأولادك الذين منحتهم حق التصرف بالسلطة والقرار والمال العام دون صفة ..

وركلت هذا الشعب الذي منحك هذه السلطة المؤقتة ورضي ولايتك عليه لمدة عامين تنهي خلالهما مهام الانتقال السياسي وترحل مشكورا ..

لكنك أبيت الإحسان إلى شعبك وأبيت الرحيل وتمسكت بالسلطة وتعليق مصالح اليمن تحت مداد قلمك الأسود كسواد قلبك وعقلك وعفن روحك المتخثرة منذ هروبك حافي القدمين إلى الشمال في حرب الرفاق المؤلمة في عدن يناير 1986 .. ولن يكن الهروب الأخير ..

وبعد بيعك للوطن بالجملة والتجزئة لأراذل الخلق وشذاذ الآفاق .. وتسهيل الإنقلابات من عودة عمران إلى حضن الانقلاب ..

بل إنك منحت صفة الشرعية لكل فعل قبيح ترتكبه السعودية والإمارات ضد الشعب اليمني دون اعتراض أو تعديل أو مجرد لوم أو امتعاض وكأنك صنم مخلوق على هيئة إنسان دون روح أو مشاعر إنسانية فضلا عن أي شعور وطني ..

 

نقر لك أنك الرئيس الذي مارس الخيانة ضد وطنه وشعبه دون اكتراث ..وانفقت بكل بذخ على نفسك وشلة أبنائك والمنتفعين من حولك أن يصنعوا منك زعيما تاريخيا عظيما رفضت حروف اللغة أن تعترف لك بأي فضل أو صنيع أو تميز بفعل سوى ممارسة الخيانة والجبن والاستهتار .

لقد أدخلت كل المستشارين والفريق الحكومي والنواب وقادة الأحزاب في بحر خيانتك حتى لا يعايرك على الخيانة أحد أو يفر من خيانتك أحد وهم يشاركونك اليوم نفس القبح .. فالعهر السياسي هو صفة لازمة لك ولمن عمل معك أو قبل الإستمرار تحت سلطتك .

بقاؤك منعما في المنفى هو تعبير جلي عن خيانتك وجبنك .

صمتك عن انتهاك السيادة من قبل توافه السعودية والإمارات تعبير فاضح لخيانتك ..

صمتك عن قتل المدنيين والقادة الشجعان تعبير عن خيانتك.

اهمالك واهانتك للجرحى وأسر الشهداء الذين ضحوا بدمائهم من أجل الوطن الذي تحتكره لنفسك، كل ذلك تعبير عن خيانتك.

إبقاء شعبك محاصرا وجائعا يتوسد الفقر والمهانة يعد تعبيرا عن خيانتك .

اضاعتك للمصالح الوطنية العليا مثل انهيار العملة وسرقة الإيرادات وفساد السلطات دونك والمتاجرة بقوت الناس وأرواحهم والصمت عن الفوضى والهدم في المناطق المحررة وايقاف الجبهات ومنح الانقلاب شمالا وجنوبا وغربا عمرا وحياة ممتدة كلها تعبير عن خيانتك ..

اختيارك الضعفاء والفاسدين للمناصب السيادية بإمعان دائم هو تعبير عن خيانتك .

التاريخ يخبرنا أن ثمة في تاريخ الأمم والشعوب رؤساء وقادة سيؤوون وفاسدون وجبناء، لكن ليس فيهم خائن إلا فيما ندر وأنت ذلك النادر الذي لا يشبهك فيه أحد .

إنني حضرت اليوم احتفال الشعب في مدينة تعز بالثورة ووجدتهم يرفعون صورتك كمن يأكل لحم الميتة عند الضرورة وهم يلعنون أنفسهم على خطيئة مضطرون لفعلها ولأمل يداعب مخيالهم البائس نحو رئيس ميت الضمير مثلك .. لعل ضميرك يصحو يوما بعد طيلة يأس وحسرة .

ثانيا : إلى مجلس النواب

نعلم يقينا أن ثمة عددا محدودا من النواب لا يمتلكون الكتلة التصويتية لإدارة المجلس أو صناعة القرار الدستوري فيه لكن لهم مواقف معلنة ومحترمة تميزهم عن سواهم ..

ونحن هنا باسم الشعب اليمني نخاطب الكتلة التصويتية الممسكة بالقرار لصالح شخوصهم وللحزب الذي مكنهم من الفوز المغشوش ولذلك فهم أوفياء فقط ليكونوا دوما ضد الشعب ومصالحه الوطنية دون حياء أو وخز من ضمير ..

فهم لم يستعملوا حقهم في سحب الثقة من الحكومات الفاسدة المتتالية أو يحيلوا الفاسدين إلى القضاء ولم يستجوبون وزيرا فاسدا أو يطيحوا به .. ولم يتصدروا المشهد ليمنعوا التسلط السياسي والانقلاب على الثورة والنظام الجمهوري أو يوجهون تهمة الخيانة العظمى لأي رئيس عابث وخائن ولم يعترضوا اليوم على جرائم ومنكرات السلطة ودول التحالف ضد الشعب اليمني .. بل يدافعون بإصرار عجيب عن الأجنبي ويستميتون من أجله .. وسيلعنون مقالي هذا لأنهم لا يشعرون بالخزي والعار الذي يتلبسهم ..

فأي فعل تستحقون عليه الاحترام غير وفائكم للحزب أوالعائلة أوالقبيلة أو الكفيل الأجنبي أو الفئوية التي تجسدونها .. ؟؟!

هذا بيان للسلطة من الشعب اليمني باستثناء المنتفعين ..

ولن ترى الدنيا على أرضي وصيا

الذكرى الثامنة والخمسون للثورة المجيدة


Create Account



Log In Your Account