أكتوبر.. ثورة الوحدة بامتياز
الثلاثاء 13 أكتوبر ,2020 الساعة: 07:12 مساءً

ثورة ١٤ أكتوبر هي الوجه الآخر لثورة ٢٦ سبتمبر فهما وجهين لشعب واحد وقضية واحدة هي "الكرامة اليمنية  "عبر تحقيق الحرية و التحرير ..والسيادة والمساواة والوحدة والعدالة.

لقد  احتشد ثوار الجنوب والشمال، لتحرير شمال اليمن من الإمامة العنصرية المتماهية مع الإستعمار  والمتخادمة مع مصالحها حيث يستمدا من بعضهما البقاء.

وكان نجاح ثورة سبتمبر وسقوط الإمامة إعلانا مبكرا لخروج الإستعمار وانتصار ثورة أكتوبر، فهما نافذتان لروح واحدة، متداخلة  الوجود والتأسيس و الإنتماء والتأثير والقيادة.

 كان غالب لبوزة وعبد الله يا ذيب وسالمين ورفاقهم ينطلقون من تعز، كما كان النعمان والزبيري ورفاقهما منذ أربعينات القرن العشرين  يقودون الثورة  من (عدن)  .. ، سقط شهداء من  هنا وهناك دفاعا عن الثورتين كقضية واحدة لوطن واحد وللمثال، نذكر أن أول شهداء أكتوبر كان البطل الشهير الشهيد (عبود) والذي أطلق اسمه على شارع من شوارع عدن، وعبود هذا من أبناء شرعب محافظة تعز.

لقد كانت ثورة أكتوبر المجيدة، ثورة الوحدة والدولة بامتياز، وكانت الوحدة هدف وجود لثورة أكتوبر بسبب التمزق الذي رعاه الإستعمار وساندته الإمامة في الشمال.

فلم يكن هناك دولة يمنية في الجنوب قبل ثورة أكتوبر وهذه حقيقة يتجاهلها الكثير.

كان هناك استعمار في مدينة  عدن وسلطنات متناثرة في أبين و لحج وحضرموت والمهرة وشبوة، وكان لكل سلطنته و دولته الخاصة به  ونظامه الخاص.

الدولة الجنوبية وجدت إثر ثورة أكتوبر باسم (جمهورية اليمن الديمقراطية)  و كانت الوحدة هدفا واضحا لدى ثورة أكتوبر، وما إن تحقق توحيد الدويلات والسلطنات  المتناثرة، حتى بقت الوحدة اليمنية الكبرى  هدف حي يستحق التضحيات والتنازلات، واستمرت الثورة غير مكتملة عند ثوار أكتوبر  لعدم اكتمال شرطها الجوهري، لتنطلق الموجة الثانية لتحقيق الوحدة الكبرى مع بداية إعلان جمهورية اليمن الديمقراطية، لتصبح الوحدة الشعار الأبرز، وبدأ الفعل المنظم لتحقيقها  بالتحريض والحشد من أجل الوحدة في أجندة (جمهورية اليمن الديمقراطي ) في المدارس والجامعة و المعسكرات وفرق الكشافة والمؤسسات والإعلام والسياسة والتوعية العامة والشعر  والأدب والاغاني والأناشيد  الوطنية بصبغة وحدوية خالصة وارتفع النشيد الوطني لجمهورية اليمن الديمقراطية بشعار الوحدة:

وحدتي .. وحدتي ..

يا نشيدا رائعاً يملأ نفسي

 أنتِ عهد عالق في كل ذمة

كان هذا النشيد "هو النشيد الوطني لجمهورية اليمن الديمقراطية، قبل أن يعمم ليكون نشيد دولة الوحدة"

وهو من كلمات الشاعر عبد الله عبد الوهاب نعمان وألحان وأداء الفنان الكبير أيوب طارش  وكلاهما من محافظة تعز، فلا شمال لا جنوب في  فلسفة ثورة أكتوبر المجيدة.

حتى الحروب التي حصلت بين الشطرين لم تكن حرب حدود بل تمت تحت شعار تحقيق الوحدة اليمنية، وكان هذا الشعار أوضح وأعلى في الجنوب.

ولولا تلك الثقافة التي رسختها ثورة اكتوبر وسبتمبر  ما تحققت الوحدة في 1990م  بتلك السلاسة بغض النظر عن الظروف والملابسات  التي رافقت وحدة 1990م.

لقد كانت الوحدة واقعا وهوية من أول لقاء لثوار سبتمبر عقد في  عدن وأول جلسة ثورية لثوار أكتوبر عقدت في تعز. فالشعب اليمني متشبع بحب الوحدة وعشقها و لا يوجد خصوم للوحدة بين  القوى اليمنية وجميعها من اليمين إلى اليسار  وحدوية  وكل يمني وحدوي.

فقط هناك  تحالف لقوتين غريبتين على الروح اليمنية هي من  تخاصم الوحدة وتصنع  التمزيق: قوة الإستعمار الأجنبي وقوة الهيمنة الإمامية في الشمال ولعل ثوار اليمن شمالا وجنوبا، أدركوا هذه العلاقة مبكرا وصعوبة إخراج الإستعمار قبل تطهير صنعاء من قوى السلالة الإمامية، فاتجهوا أولا لإسقاط الإمامة.

هذا المعنى تدركه القوى التي تريد تمزيق اليمن اليوم إلى اشطار ودويلات، فعملت على لملمة أشلاء الإمامة من الكهوف وأحضرتهم إلى صنعاء   لتنفيذ مؤامرة التشطير و التمزيق للدولة والوطن  المرتبطة بالإمامة والإستعمار الأجنبي، لأنها ترى شرط وجود الإمامة أولا لإحداث التقسيم إلى أكثر من دولة وأكثر من جهة.

وهي مؤامرة جوبهت بقوة الوعي والتضحيات من أحفاد أكتوبر، وسبتمبر وسيظل الشعب اليمني يناضل من أجل  قيم الجمهورية والوحدة بجناحي أكتوبر و سبتمبر، منطلقين بكل التضحيات  نحو المجد ووطن الحرية ودولة السيادة والمساواة عبر نضال متراكم ومتعدد الوجوه: ثقافي سياسي وعسكري، حتى إخماد آخر أنفاس الإمامة وإطفاء أطماع الإستعمار الأجنبي، فاليمن أولا وأخيرا، هو  شعب الحضارات، لن يستسلم ولن يسلم رقبته  لتحالف شذاذ الآفاق وأوباش الكهوف.


Create Account



Log In Your Account