جذور ظاهرة (الإسلام فوبيا) في الغرب!
الثلاثاء 03 نوفمبر ,2020 الساعة: 02:40 مساءً

قام الإمبراطور الروماني نيرون بإحراق عاصمته مدينة روما؛ حتى يزيل آثار من قبله ويعيد بناء روما وفق هواه وحده، وليصنع له مجداً كما ظن، ببناء المعابد والقصور التي تخلد ذكراه، لكن ضخامة الحريق الذي التهم أكثر من ثلثي المدينة الكبيرة جعله بحاجة إلى كبش فداء يوجه إليه الشعب كراهيته، بدلا عنه، فاختار المسيحيين الذين كانوا مجموعة صغيرة في بداية انتشارها في روما، حيث اتهمهم بأنهم من أحرق روما وجمع من وصلت أيديه إليهم وأعدمهم بطرق وحشية، وصلت إلى حد الإحراق بالنار وإطلاق الحيوانات المتوحشة عليهم والتهامهم وهم أحياء!


وكان على رأس هؤلاء القديس بطرس الذي كان أحد الحواريين الاثني عشر لعيسى عليه السلام، وصار أسقفا لأول كنيسة في روما وعُدّ في ما بعد أول بابا في التأريخ المسيحي، حيث تم صلبه بصورة مقلوبة جعلت رأسه من تحت، ويقال إن الشقلبة تمت بطلب بطرس حتى لا يضاهي أستاذه المسيح في الصلب مرفوع الرأس!

المهم أن نيرون الروماني حينما مات لم يمت منهجه في الجبروت والتضحية بأبرياء لإشباع رغباتهم السادية وصرف طاقة الحقد والكراهية نحو خصومهم، ولذلك فقد ورثه طغاة عديدون في تلك المجتمعات التي عانت من ويلات تألّه الحكام وجبروتهم، لكن الديمقراطية الغربية نزعت مخالبهم وكتّفت أيديهم ووقفت لهم الشعوب بالمرصاد بوعيها بحقوقها.

 لكن هؤلاء الطغاة تمرسوا على صنع  أعداء مختلَقين لهم يصبون عليهم جام غضبهم ويطلقون عليهم سهام إجرامهم، ويُظهرون أمامهم طبائع الطغيان المكبوتة، هؤلاء الضحايا في عصرنا هم المسلمون الذين يتم حصرهم في زوايا الاتهام ووضعهم في مربعات الفقر والجهل والاستضعاف، ومن يقاوم هذا المصير يتم اتهامه بالإرهاب!

ومن أجل نجاح هذا الجرم الفظيع تتولى أجهزة الدعاية والاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي صنع حالة من الرهاب من الإسلام (الإسلام فوبيا)، بصورة احترافية يشترك في صنعها خبراء في علوم النفس والاجتماع والسياسة والدعاية، حيث تظهر الإسلام بصورة دين عدائي لا يقبل بالتعايش مع الآخرين، وتُبرز المسلمين في صورة وحشية بحيث يتلذذون بتعذيب وقتل من سواهم، ولا يمكن السيطرة عليهم إلا بامتهانهم وإذلالهم واستخدام كافة أنواع العنف معهم!

هذا ما يحدث في الغرب في عصرنا وبالذات بعد سقوط الشيوعية، وقد زاد أوار هذه النار بعد حوادث تفجير مركز التجارة الدولي في أمريكا وبعض أعمال العنف الكبيرة في لندن ومدريد، وسواء أكانت هذه الحوادث مدبرة من قبل أجهزة استخبارات غربية، وهو المرجح والذي تشهد له الكثير من الوثائق والأدلة والقرائن، أم من اقتراف بعض المسلمين المتطرفين والمحروقين من اضطهاد الغربيين لهم، فقد تم استثمار هذه الحوادث بصورة احترافية إجرامية لتكريس الصورة النمطية السيئة عن المسلمين في الوعي الجمعي للغرب، ولإذكاء ظاهرة (الإسلام فوبيا)، بصورة تبعث الرعب في القلوب وتحمل المجتمعات الغربية على السكوت عن انقلاب سلطات بلدانهم على القيم الليبرالية وتجاوز الدساتير والقوانين في إجراءات أمنية وحروب منسقة لاجتثاث من لا يقبلون الذوبان في المجتمعات الغربية والتنازل عن ثقافتهم لصالح الثقافة الغربية!


Create Account



Log In Your Account