حرب المعابر
الأحد 17 يوليو ,2022 الساعة: 09:17 صباحاً

كما يبدو أن أطراف الصراع العسكري باليمن وبمحافظة تعز تحديداً قد وجّهوا خطط ومسارات المعركة باتجاه "المعابر والطرقات" كجزء من حرب خشنة، وقائمة بكل ثقالاتها وثقلها ومخلفاتها وكل تأثيراتها السيئة والمدمرة منذ ثمان سنوات، وهو ما لفت أنظار دول العالم بالذات التي تراقب الوضع اليمني وفق اهتمامات متفاوتة منها إنسانية -كما يظهر- وأخرى ذات مصالح براغماتية صرفة في اليمن، وربما غيرها مرتبطة بملفات حقوقية راكمتها الحرب وتوجزها غالباً تقارير فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات في مجلس الأمن، أضف إلى منظمات حقوقية ذات صلة كحقوق الإنسان والمفوضية السامية أو العفو الدولية أو هيومين رايتس ووتش، وغيرها من منظمات منها خاصة بالأمم المتحدة وغبره ربما مرتبطة بوزارات وخارجيات وسفارات دول عظمى، وأخرى متطوعة ووو إلخ، كلها وجهت أنظارها شرقاً صوب اليمن كإحدى أهم البيئات الإنسانية المأساوية المنكوبة على مر التاريخ.

لكن تبقى مجمل حالات الرصد والمراقبة بكل اهتماماتها وتوجهاتها أشبه بظاهرات صوتية لا تشكل اي ضغط من أجل وقف الحرب، أو على الاقل فتح معابر وفك حصار مدن ومحافظات ومناطق مغلقة بحصار خانق ومتناسق مع خطط حربية عبثية، تشرف عليها جهات لخصت كل توجهاتها الرصدية كنوع من استعراض ابتزازي لا علاقة له بالحل الموضوعي للأزمة اليمنية، عدا يعض الأنشطة المدنية المفرغة وتوجهات إنسانية وهذه الأخيرة قدمت أنموذجاً متأخراً من فشل إغاثي واسع النطاق، وتحسب أنها تحسن صُنعاً.

معركة المعابر كموضة لإغراء بل لإغواء المبعوث الأممي الذي لا يزال يتعامل مع عموم الملف اليمني بمثالية جداً مفرطة هو جزء من توسيع فجوة صراع الأخوة الأعداء، ناهيك عن الفجوة الإنسانية والتي تنذر بمجاعة وشيكة، في اللحظة تنسيق عمل كل الشركاء القائمين على الملف اليمني من هيئة أمم بكل مبعوثيها إلى مؤثرين بمجلس الأمن وحكومات دول عظمى ومنظمات إنسانية إغاثية وحتى التحالف العربي للاسف، كآخرين داخلياً وإقليمياً وخارجياً ضمن خطة استنزاف وإزاحة وإضعاف الواقع اليمني بمختلف قواه عسكرياً ومكوناته ونخبه ونماذجه سياسياً وأطره مجتمعياً بالإضافة لتطويع رمزياته مدنياً وبالمقابل لا نستغرب تأثير ذلك حتى على مشاريع اليمن التنموية وزراعية وشؤون بحربة كموانئ وجزر ومزاعم إعمار ما دمرته الحرب ووعدت به قيادة التحالف العربي ضمن "إعادة الأمل" وهو الذي  لن يكون ممكناً للأسباب التبربرية الخاصة بشركاء نكبة اليمن لاعتبار أن الأولوية إغاثية ووبائية برايهم وهذا لن تكتمل حلقاته ومسلسله "الدراماتيكي التراجيدي" العبثي بل الاستنزافي الأممي الموجه لتبقى اليمن وحدها ضحيته المنكوبة بمرارة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.

يسعى الطرف المعرقل لأي خيارٍ للسلام في اليمن والذي يتمثل بجماعة أنصار الحوثي لاستغلال كل حراك دولي في هذا الشأن الحيوي، وهو ما حوّل كل مبعوثي الأمين العام إلى اليمن ابتداء من جمال بنعمر مرورا بولد الشيخ إلى غريفتث وحتى المبعوث الحالي هانز جروندبرج بل وحتى المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيموثي ليندر كينج وكذا بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة "أونمها" كل هؤلاء تماهو ولا يزالون في تماهٍ مفضوح مع خيارات جماعة الحوثي بشكل أو بآخر منذ سيطرة الجماعة على العاصمة اليمنية صنعاء في 21 سبتمبر 2014م وحتى تعنتات وعرقلات الجماعة اليوم من عملية فتح المعابر وطرقات محافظة تعز  والذي لن يكون إلاّ الذي اختارته الجماعة بمباركة المبعوث الحالي "جروندبرج" ولكن قد تتغير قواعد لعبة الحرب وفقاً للخيار الأخير من المعادلة الذي قد يطرأ في حال استمر الحوثيون في استهتارهم العبثي إزاء فتح المعابر وهذا ما ستقرره قادم الأيام.


Create Account



Log In Your Account