ماذا بعد سيناريو السودان؟
الخميس 04 مايو ,2023 الساعة: 12:12 مساءً

بعد رحلة رائعة من الصوم والتعبد والتأمل، في هذه الدنيا كان المرء المسلم قد عاشها مع شهر رمضان المبارك، ها هو يعيش أفراح عيد الفطر، بنفحاته ونسيماته العطرة، والتي أضحت تملأ الأرجاء هنا وهناك، حاملةً معها آمالاً جديدة، كي يعيش الإنسان في هذا الكون بهدوء وأمان.

لكن ليس بذاك الحال الذي كان يتمناه المرء بأن تكون أفضل حالا، سيما في مثل هذه الظروف التي يعيشها الإنسان العربي في الوقت الحاضر، والتي لم تعد مناسبة له البته، نتيجة لما يجري في بلدانه من أوضاع سيئة ومتردية للغاية، وليس لها مثيل في أي بلد آخر في هذا العالم.

لذلك لم يعد أحد يعطى بالاً أو أهمية، لما يحدث في غيره من البلدان الأخرى، سوى الفرجة ومشاهدة ما يجري فيها، من حروب وإقتتال ودمار وخراب لعمرانه ومدنه وإنسانه، فضلاً عن التدمير لإمكانياته ومقدراته الإقتصادية، والتنموية، وإلخ.

والذي كان ينبغي مِن مَن يتولون أمور تلك البلدان بأن يكونوا أكثر دراية وحكمة من غيرهم، وذلك لما يراد لبلدانهم من إشعال الفتن فيها، من خلال إذكاء النعرات الطائفية والمذهبية بين أبنائها وفئاتها الإجتماعية، وهذا ما هو حاصل في أكثر من بلد عربي، من ذلك اليمن، ليبيا، العراق، لبنان، ناهيك عن سوريا، وكذا ما يجري اليوم من حرب مدمرة في السودان، والتي ربما لا تخلو من هذا الجانب، وإن كان البعض يرجح بأن الحرب الجارية فيها لها تأثيرات خارجية أكثر من ما تكون داخلية.

إذاً، هل هناك من مراجعة لما يجري في هذه البلدان، خاصة وأن أموراً كهذه يستوجب الوقوف أمامها، والعمل على إعادة النظر فيها، لإنه لا يمكن أن تحل مشاكل كهذه بالحديد والنار.

أو كما يقال أنا وبعدي الطوفان، إنما يجب الإعتراف بالآخر، والتحاور معه، على قاعدة مشتركة، بهدف الوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف، ودون أن تكون هنالك أضراراً على هذا أو ذاك، ولكن للأسف، أمر كهذا لا يؤخذ به من قبل النظام العربي، القائم على الجبروت، والغطرسة، والهيمنة، والتسلط على الآخرين، من بني جنسه.

وهذا ما هو موجود حقاً، في معظم النظم العربية، الممتدة من المحيط إلى الخليج، دون أن أستثني أحداً منها، ويعود ذلك لغياب العامل الديمقراطي، والتشبث بالسلطة، وعدم القبول بالآخر.

الأمر الذي ترتب عليه آنئذ، بروز العديد من التناقضات، في وسط نخبها السياسية، فضلاً عن قياداتها العسكرية، وبالتالي هو ما جعلها تعيش في حالة من التأزم المستمر، نتيجة لعدم تعاطيها مع أوضاعها الداخلية، بالصورة المثلى، بدليل ما يجري حالياً، على مستوى السودان، من حرب طاحنة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

بالوقت الذي كان قد تم الإتفاق قبل فترة وجيزة، من إندلاع الحرب هناك، بين طرفي النزاع العسكري ممثلاً بعبدالفتاح البرهان رئيس الجمهورية، وأعضاء مجلس السيادة الآخرون، والمدني ممثلاً بقوى الحرية والتغيير، في حين كان قد تضمن ذلك الإتفاق على أن يتم نقل السلطة إلى القوة المدنية.

ولكن للأسف، أمر كهذا لم ينفذ بل كان هنالك تحايل وتجاهل، من قبل بعض الأطراف، بهدف عرقلة تسليم السلطة إلى القوى المدنية، وبالتالي ما أدى في نهاية المطاف إلى نشوب الحرب، بين جنرالي الجيش والدعم السريع، 
لماذا ..؟
لأن هنالك من لا يريد أن تصلح أو تُسوىٌ الأوضاع بداخل السودان، بقدر ما يريد أن تبقى الأمور مضطربة وغير مستقرة، لأجل إشغال الناس في مسائل بعيدة عن أحوالهم وقضاياهم المعيشة، والإقتصادية، وكذا الإجتماعية، والسياسية، وغيره .

فيما لا يخفى بأن الأحوال بداخل المنطقة العربية، تكاد هي الأخرى، أن تكون مرشحة قريباً إلى ما شهدته من أحداث مؤلمة في بعض بلدانها سابقاً، وهذا ما يعتمل في حد ذاته من قبل تلك الدوائر الخارجية، ضد شعوب المنطقة برمتها، بغرض التدخل في شئوونها الداخلية، والإستئثار بثرواتها الطبيعية، ومواردها الإقتصادية، ومواقعها الجغرافية، وممراتها المائية، ومن ذلك خليج عدن، باب المندب ،البحر الأحمر، البحر العربي، قناة السويس، البحر المتوسط.

إذاً أقول في الأخير، هل تتوقف هذه الحرب، وتسكت أصوات البنادق، وتعود الأوضاع إلى الهدوء، والعودة إلى الحوار، وتغليب مصالح الوطن والشعب، فوق كل المصالح الأخرى.

أم ماذا بعد هذا السيناريو ..؟


Create Account



Log In Your Account