أنسى قلبي وبطاقة الهوية
الثلاثاء 24 يوليو ,2018 الساعة: 06:55 مساءً

في رحلة طويلة من الشرق الى الغرب الفرنسي. هذا الصيف فريد. انه حار ومحرّض. وفتنة البسيطة لا تنتهي في التلال حيث أرتال الكرْم الداليات والسهوب الخضراء وحقول القمح الذهبية.

 

سيمضي بِنَا القطار السريع على شكل قوس نحو الشمال ثم ينحدر نحو الجنوب غربا. الجنوب هنا يعني الشمس والبحر والنبيذ والزيتون. الجنوب أيضا هو الإجازة والمرح ومهرجانات الفن والأغاني. وهو أيضا سلة الفاكهة والغانيات.

 

يبث قطار الرحلات الطويلة الكثير من الاستيهامات والفانتازيا. لكن ضحكات أو صراخ الأطفال تقطع حبل الذهن الشارد. يمخر القطار الأرض سريعا. وانت من النافذة تسافر في التلال كطائر الباتروس.

 

قبل يومين في رحلة وسطى تأخر القطار السريع القادم من مارسيليا الى ستراسبورج ساعة ونصف. قضيت وقت التأخير في محطة بيزانسون على أريكة مخصصة للإسترخاء مزودة بتسجيل صوتي رجولي هادئ ورصين يساعد على إزجاء الوقت.

 

كان يطلب مني الإستعداد لتلقي صوت قرع الجرس لشد التركيز نحو نقطة الاسترخاء. كنت قد اتبعت التعليمات حتى وصلتني الرنة وقفزت من الأريكة. الحقيقة أني كنت انتظر قذيفة كاتيوشا أطلقها جنود الرب على رابية من روابي تعز. لقد خسرت رهان الاسترخاء.

 

فاتني القطار الأخير من ستراسبورج بسبب التأخير واقترحت علي شركة سكة الحديد سيارة تاكسي. في التاكسي ركبت الى جوار السائقة. قصيرة مرحة. وكنت مع مسافر آخر  قد سبقها الى التقاعد بأعوام قليلة.

 

في الطريق، تسوق السيدة سيارتها بسرعة تتجاوز ال ١٢٠ وتصرخ ضاحكة : الى الجحيم. ثم أردفت. لست أخشى سحبهم رخصة القيادة مني. سأقترح عليهم عدم شطب نقاط من الرخصة ولكن إيداعي السجن. لعلي في السجن أحتك بمجرمين وأتعلم مهنة بيع الممنوعات وأربح أكثر من عملي هذا. لقد سئمت هذا العمل وأنا في الستين.

 

يصل القطار السريع محطة في المنتصف ويعلن عنها القبطان وينبه النازلين الى عدم نسيان أي من اغراضهم. هل يمكنني أن أنسى قلبي هنا وأرحل؟

أو أنسى بطاقة الهوية؟




Create Account



Log In Your Account