معين عبدالملك.. 24 شهراً من الفشل والإرتهان
الأربعاء 04 نوفمبر ,2020 الساعة: 12:10 صباحاً


في مثل هذه الأيام، قبل سنتين، جيئء بمعين عبدالملك لشغل منصب رئيس الوزراء اليمني. آمال كثيرة كانت معلقة على هذا الشخص بحكم أنه كان يروج له بأنه لا ينتمي لفصيل سياسي -كما يحاول الترويج عن نفسه- ولم يشغل منصب حكومي لمدة طويلة قد تجعله يتورط بقضايا فساد واضحة.

بخلاف أنه يحمل شهادة الدكتوراه في الهندسة ولا يزال في طور الشباب، إذ لم يتجاوز النصف الأول من عقده الرابع والأهم من هذا وذاك رضا السعودية والإمارات عنه. 

بدأ معين ممارسة مهامه بالذهاب إلى المهرة لمتابعة الوضع هناك بعد كارثة إعصار لبان والفيضانات التي أصابت المحافظة وأدلى حينها بتصريح للتلفزيون اليمني الحكومي، بأنه سيركز في مواضيع الاقتصاد وخدمة الناس ويبتعد عن ما أسماه القضايا السياسية والعسكرية.

لاقت هذه التصريحات استهجان الكثير من الناس، إذ كيف برئيس للوزراء أن يكون في معزل عن قضايا تعتبر في صلب عمله ومهامه.
ولكن آخرين قالوا لو استطاع بالفعل تحسين وضع الاقتصاد المتهاوي وتزويد الخدمات للناس فسيكون قد حقق الكثير. 

بداية العام 2019م حاول معين وحكومتة رسم ملامح عامة لما ستكون عليه موازنة الدولة اليمنية، إلا أن الأرقام المعلنة ضلت عبارة عن تصريح صحفي ولم تصدر أي موازنة مكتوبة من حينها لا للعام 2019 ولا للعام 2020 !
وكذلك لم يصدر معين أو أي من أعضاء حكومته أي تقارير مالية خاصة بالفترة الماضية التي تجاوزت العامين. 
في المهرة نفسها وفي تلك الزيارة بعد اعصار لبان صرح معين باعتماد إثنين مليار ريال يمني لمواجهة آثار الإعصار، إلا أن هذا التصريح لم يتجاوز المكرفون وحتى الآن سكان المهرة يطالبون بهذا المبلغ. وعندما رجع إلى عدن بعد زيارته للمهرة، أعلن عن خطة 100 يوم من أجل استقرار الأوضاع المعيشية ووقف تدهور العملة، ووجه لجميع الوزارات بالرفع بالمشاريع الهامة والعاجلة لتدخل ضمن الخطة وليتم تنفيذها، ورفعت جميع الجهات مستبشرة بهكذا خطوة إلا أنه وللأسف لم تر الخطة النور ودفنت بعد ذلك في أدراج مكتب معين.

بعد ذلك تلقى معين موافقة من السفير السعودي لاستخدام جزء كبير من وديعة الملياري دولار السعودية قد كان تم اقرارها لتوفير سيولة بالعملة الصعبة وحصل حينها أن تم إقرار إصدار الاعتمادات المستندية عبر البنك المركزي اليمني لاستيراد المشتقات النفطية والغذاء مما أدى إلى إستعادة الريال اليمني بعضا ً من عافيته، لكن هذا لم يستمر طويلا ً، ليعود الريال إلى الإنحدار مجددا ً بسبب نفاد الوديعة وتورط مسؤولي البنك المركزي بالتربح من فوارق سعر الصرف بين السوق وما تم إقراره في البنك المركزي، بخلاف أن أكثر من استفاد من هذه الوديعة كان تجار المشتقات النفطية التابعين للحوثي. 
أضف إلى ذلك، أن معين عبدالملك قام باستخدام الوديعة السعودية في بند النفقات، ليتمكن من صرف مرتبات الجهاز الحكومي في عدن خلال ستة أشهر تقريبا ً، ويوفر الكهرباء نوعاً ما ً لسكان مدينة عدن ، حتى أنهى مهمته في موضعة الأمور في عدن لإنقلاب المجلس الانتقالي في أغسطس 2019م ، ويغادر معين عدن قبل الانقلاب بأسبوع.

ومنذ ذلك الحين لم يحاول معين الإنتقال للعمل في أي محافظة يمنية أخرى لإدارة شؤون الدولة مفضلاً الرفاهية المتوفرة في فنادق الرياض وإبقاء الحكومة اليمنية ومؤسساتها في وضع الطيران. 

أظهر معين خلال الفترة الماضية أنه يحاول أن ينظم عمليات استيراد المشتقات النفطية إلى عدن وتحريرها من احتكار شركة (عرب غلف) لاستيراد الوقود في عدن وبقية مناطق الحكومة والتي تتبع أحمد العيسي. إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل ودارت الدائرة لتعود إلى العيسي مجدداً سواء ً برضى معين أو رغما ً عنه.

ولم يصدر عن معين أي تصريحات أو مراسلات خاصة بهذا الموضوع حتى بعد فشل تنفيذ القرار رقم 49 لعام 2019م بشأن إعادة استيراد المشتقات النفطية من قبل مصافي عدن التي كان قد حولها أحمد العيسي إلى إقطاعية خاصة به. 

فشل كذلك في تنفيذ قرار توريد رسوم الجمارك والضرائب على شحنات المشتقات النفطية إلى حساب خاص برواتب الموظفين في الحديدة بالتعاون مع الأمم المتحدة، لتذهب كل هذه الإيرادات في النهاية لصالح جماعة الحوثي الانقلابية. 
لم يتمكن معين عبدالملك من إنقاذ اليمن من النزيف المستمر للعملة الصعبة في شراء المشتقات النفطية لأغراض توليد الكهرباء وإخراج ما يزيد عن 150 مليون دولار شهريا ً من اليمن لشراء المشتقات. رغم أن الحل كان ببساطة إعادة تشغيل مصافي عدن لتقوم بتوفير ما يحتاجه السوق المحلي من مشتقات بداية من السولار وحتى وقود الطائرات مستخدمة النفط اليمني القادم من مأرب أو شبوة.

وكان بوسعه طبعا تشغيل المحطة الغازية في مأرب لتوفير الكهرباء لعدة محافظات بدلاً من استهلاك الديزل في الطاقة المشتراة، وإنقاذ المزارعين اليمنيين من غلاء سعر الديزل الأمر الذي ينعكس على أسعار منتجاتهم الزراعية.

عجز معين كذلك في تطبيق كادر الدولة على المسؤولين الحكوميين الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار الامريكي ويتواجدون خارج اليمن في مخالفة للنظام والقانون. هذا ناهيك عن فشله في تخليص الموازنة العامة من نفقات السفارات الفائضة عن الحاجة وموظفيها المكدسين دون أدنى فائدة أو مردود. 
وحتى عندما منع الحوثيون العملة الجديدة ، وقف معين وحكومتة موقف المتفرج والحوثي ينهب أموال اليمنيين تحت غطاء فارق سعر الصرف بين العملتين رغم أنه كان بالإمكان إجبار الحوثيين على اعتماد العملة الجديدة عبر إجراءات تفرض أستخدامها وتلغي العملة القديمة للمحافظة على العرض النقدي وتخلص المواطنين من ابتزاز الحوثي. 
في جانب الإيرادات، لم تتمكن حكومة معين عبدالملك من استعادة أنشطة إنتاج وتصدير النفط بشكل كامل ولا تزال الأمور تراوح في مستوى إنتاج أقل من ثلث ما كانت تنتجه اليمن قبل الحرب، رغم أن مناطق انتاج وتصدير النفط جميعها تقع في مناطق الشرعية المحررة. 
وفي ذات الوقت لم يستطع معين ضبط وصول إيرادات ما يتم تصديره من النفط الخام إلى حساب البنك المركزي اليمني، وتستمر المبالغ في الذهاب إلى حساب خاص في البنك الاهلي السعودي يقوم بالاستفادة منه من هم موجودون في الرياض لدفع رواتب مجموعة الوزراء والنواب والوكلاء الموجودون في الخارج دون مهام أو إنجازات. حتى الإيرادات الناتجة من بيع الغاز المنزلي، لم يستطع معين عبدالملك إقناع من هم في مأرب لتوريد مبالغ هذه الإيرادات إلى البنك المركزي بدلاً من الصراف محسن الخضر، وكأن المطلوب من هذا كله إبقاء الحكومة اليمنية بعيدةً عن السيطرة على إيراداتها ومواردها. 
بينما يدعي معين عبدالملك أنه يشغل منصب رئيس الوزراء اليمني، لم يصدر عنه أي إجراء أو حتى موقف للعمل على إعادة تشغيل ميناء بلحاف الذي تحول إلى ثكنه عسكرية تستخدمها القوات الاماراتية، وتعطل هذا المورد الهام من موارد الدولة، وفضل معين الاحتفاظ بمنصبه مقابل السكوت عن هذا الأنتهاك للسيادة الوطنية. 

في الوقت الذي تذهب فيه إيرادات المؤسسات الإيرادية في اليمن إلى حسابات صرافين وبنوك محلية ، فشل معين عبدالملك في إجبار هذه المؤسسات أن تلتزم بتوريد مبالغ الإيرادات إلى البنك المركزي اليمني حسب اللوائح والقوانين، ولم يصدر منه حتى خطاب أو بيان يغطي عجزه عن إدارة السيولة النقدية للحكومة. 

رغم أن المساعدات الإنسانية هي أحد أهم مصادر النقدية لليمن والتي تدفق منها أكثر من خمسة مليار دولار خلال العامين الماضيين، إلا أن معين لم يتمكن من إقناع المانحين لإجبار المنظمات الدولية أن توحد قنوات الصرف وتورد مبالغ المساعدات الإنسانية إلى البنك المركزي اليمني ليتم المصارفه عبره ومن ثم الإنفاق على الأنشطة والمشاريع بالعملة اليمنية، وبالتالي فشل معين وحكومته في الاستفادة من كل هذه المبالغ إنقاذ الريال اليمني من التهاوي.
بعد أن كان تم الضغط والاتفاق مع المنظمات الدولية في شهر سبتمبر 2018 على نقل جميع مكاتبها الرئيسية إلى عدن والعمل على ترتيب ذلك خلال فترة زمنية وعلى مراحل وكذا توريد التمويلات للبنك المركزي في عدن، جاء تعيين معين في اكتوبرعام 2018 ليسهل لهذه المنظمات التملص من الاتفاق واستمرارها بالتلاعب بالمساعدات الإنسانية لليمنيين، وذلك عبر تغييرات قام بها معين شملت الأشخاص الذين ضغطوا على هذه المنظمات وفضحوا فسادها وتكليف أشخاص بدلاً عنهم سهلوا للمنظمات الاستمرار بالتلاعب و توصيل الأموال للحوثي.
بشكل عام ، رغم أن معين عبدالملك هو من كان يمثل اليمن في مؤتمر المانحين للعامين الماضيين للتسول باسم اليمن وجلب مساعدات ، إلا أن معين وأجهزته فشلوا تماماً أو تواطأوا لإفشال إدارة هذه المساعدات و وصولها إلى المستفيدين الحقيقيين وتلبية الاحتياجات التي تم بموجبها حشد هذه الموارد. 

وفشل كذلك حتى في متابعة أين ذهبت أكثر من خمسة مليار دولار وصلت لليمن خلال فترة إدارته لتمويل خطة الاستجابة فقط بخلاف المساعدات الأخرى. ولم يصل لوزيره نجيب العوج ومكتبهم الفني في وزارة التخطيط والتعاون الدولي أي تقارير مالية مدققة أو تقارير تقييم ومتابعة أو خاصة بأداء منظمات الامم المتحدة، لتذهب في النهاية كل هذه المبالغ ، كما ذهبت سابقاتها، إلى جيوب ميليشيا الحوثي ورواتب وبدلات موظفي المنظمات الدولية، وكأن كل المطلوب من معين هو فقط الذهاب للشحاته باسم اليمن وأخذ عمولته وانتهى الموضوع على ذلك. 

حتى جزيرة سقطرى لم تسلم من تواطؤ وتآمر معين عبدالملك مع التحالف العربي لإزالتها من قائمة التراث العالمي، لتصبح من المناطق الخطرة وبالتالي يشرعن للإماراتيين نهبهم واستيلاءهم على أراضي في مناطق تقع ضمن المحمية الطبيعية للجزيرة، ويبرر للقوات السعودية إحتلال مرافق الدولة في العاصمة حديبو. 

من المهم الإشارة أنه قد يكون ما ينشر عن معين بشأن تورطه بقصف الجيش عبارة عن مماحكات سياسية، إلا أن الموضوع يستحق التعامل بجدية ويتم التحقيق فيه من قبل النائب العام والجهات القضائية، خصوصاً أن لدى معين سلسلة طويلة من الفشل والتواطؤ للعمل ضد مصالح اليمن.
ختاماً، لا يمكننا أن ننكر أن معين نجح بعد جهد جبار أن يحافظ على منصبه وراتبه ورواتب من حوله طوال هذه المدة، والحفاظ على رضى وقبول السفيرالسعودي محمد آل جابر لتنفيذ أجندة التحالف الاستعمارية في اليمن. 
وهاهو يتم فرضه وتعيينه مجدداً لمنصب رئيس الوزراء ضمن آلية تسريع اتفاق الرياض في انتهاك لصلاحيات رئيس الجمهورية، وقادم الأيام لا ينبئ إلا بمزيد من الفشل والتبعية والانبطاح، لتستمر معاناة اليمنيين والحرب حيث لا يرى في أفقها نهاية.


Create Account



Log In Your Account