البنك الدولي يستعرض قصة نجاح مصر في القضاء على فيروس "سي"
الخميس 11 أبريل ,2024 الساعة: 10:09 مساءً
الحرف28 -متابعة خاصة

استطاعت مصر فعلياً القضاء على فيروس التهاب الكبد الوبائي سي الذي كان يُعد ثالث أكبر سبب لحالات الوفاة في مصر، وذلك بعد انتهاء حملة الصحة العامة التي استمرت عاماً واحداً فقط. 

ويأتي النجاح الملحوظ الذي حققته مصر نتيجة لحملة صحية شاملة على مستوى الجمهورية، اتسمت بالتخطيط والتنفيذ على أعلى مستوى من التنظيم. وتضمنت حملة "100 مليون صحة" إجراء فحوصات لأكثر من 60 مليون شخص وعلاج أكثر من 4.1 ملايين مريض. وغطت هذه الحملة الشعب المصري بجميع طوائفه وشرائحه وتضمنت برنامجاً للتوعية بأهدافها، واستفاد منها المرضى الأشد فقراً، حيث تم علاج جميع المرضى مجاناً. 

وفي هذا السياق، تقول أمل زكي وهي أم لطفلين: "العلاج مكلف، ولم أكن قادرة على تحمل تكاليفه لولا هذه الحملة". 

وأشارت إلى أنها لم تكن تعرف حتى أنها مصابة بفيروس سي، وأفادت قائلة "لم يكن لدي أي شكوى صحية، لكني لاحظت فقط أنني أنام أكثر من المعتاد". 

أمل هي واحدة من ملايين المصريين الذين كانوا يعانون من فيروس سي الذي يسبب إصابة خطيرة في الكبد يمكن أن تتطور إلى سرطان. وانتشر هذا الفيروس في مصر نتيجة لحملة صحية أخرى بدأت في الستينيات من القرن الماضي لمكافحة البلهارسيا، وهو مرض تسببه الديدان الطفيلية. 

واستهدفت تلك الحملة، التي استمرت من ستينيات إلى ثمانينيات القرن العشرين، علاج ستة ملايين شخص، ولكن تبين فيما بعد أن الإبر المستخدمة في التطعيمات غالبا ما كانت غير جيدة التعقيم ثم أعيد استخدامها، مما أدى إلى الإصابة بفيروس سي. 

وكان العديد من حالات الإصابة بهذه العدوى "غير ظاهرة"، حيث عانى عدد قليل من المرضى من الأعراض وأصبح آخرون حاملين للفيروس دون علمهم، مما أدى إلى نقل المرض إلى أسرهم والمحيطين بهم. 

وفي عام 2015، كان لدى مصر أعلى معدل للإصابة بفيروس سي في العالم بلغت نحو 7% بين السكان البالغين. ووفقا لتقديرات البنك الدولي، فإن أكثر من واحد من بين كل خمسة مصريين تتراوح أعمارهم بين 50 و 59 عاماً كان مصاباً بفيروس سي، وأدى هذا إلى إنخفاض متوسط الإنتاجية بنسبة 7.5% بين المصابين، وانخفاض سنوي بنسبة 1.5% في إجمالي الناتج المحلي. 

وكان مرضى فيروس سي أكثر تعرضاً لمخاطر السقوط في براثن الفقر بنسبة خمسة أضعاف مقارنة بغيرهم لأنهم كانوا سينفقون مبالغ كبيرة على العلاج ولن يتمكنوا من العمل بسبب اعتلال صحتهم. 

ويقول البنك الدولي انه وضع - دعما لمصر - نماذج لسيناريوهات متعددة لعلاج هذا الفيروس، وأوضح تبعات وتكاليف الخيارات المختلفة. وبعد مراجعة هذه السيناريوهات، توصلت الحكومة إلى أن الخيار الأمثل هو القضاء على الفيروس تماماً، لأن الخيارات الأخرى لن تكون فعالة من حيث التكلفة ولن تساعد على تحسين صحة السكان على المدى الطويل. ونتيجة لذلك، تم إطلاق حملة "100 مليون صحة" في عام 2018. 

و
تم تنفيذ حملة الفحص الشامل على مستوى الجمهورية على مراحل في تسعة أشهر. وبعد خمس سنوات، ساعدت هذه الحملة مصر على الحصول على «الشهادة الذهبية» على مسار القضاء على التهاب الكبد سي من منظمة الصحة العالمية. 

وحصلت هذه الحملة على تمويل قدره 250 مليون دولار من البنك الدولي، في إطار مشروع تطوير نظام الرعاية الصحية في مصر بتكلفة بلغت 530 مليون دولار. وساند البنك الدولي مرحلة التخطيط للحملة من خلال عرض أمثلة ناجحة لحملات صحية عالمية أخرى كي تستفيد منها مصر. 

ويرجع نجاح الحملة إلى حد كبير إلى أن عمليات الفحص والعلاج كانت متاحة وغير مكلفة ومريحة لجميع المواطنين. واستهدفت الحملة فحص جميع المصريين والمقيمين في جميع أنحاء مصر الذين تزيد أعمارهم على 18 عاماً على ثلاثة مراحل، وتضمنت كل مرحلة من 7 إلى 11 محافظة، باستخدام ما يقرب من 6000 موقع فحص ثابت وأكثر من 8000 فريق فحص متنقل في جميع أنحاء الجمهورية. 

وللوصول إلى 57% من المصريين الذين يعيشون في المناطق الريفية، تم نشر 1079 سيارة طبية مجهزة للوصول إلى المناطق النائية والتي تعاني من نقص الخدمات. وتم إنشاء مركز اتصال محترف للمتابعة اللازمة والرد على استفسارات المواطنين. 

واستفادت مصر من الحملة من خلال فحص ضغط الدم ومستويات السكر في الدم ومؤشر كتلة الجسم لجميع المشاركين. وساعد ذلك على إنشاء قاعدة بيانات عن الأمراض غير السارية وخرائط بيانية عن الحالة الصحية للشعب المصري. 

وعلاوة على ذلك، أعدت وزارة الصحة والسكان المصرية لوحة بيانات إلكترونية لتتبع معدلات الفحص على الفور وتوجيه فرق الفحص للتحرك بشكل إستراتيجي إلى المناطق التي كانت معدلات الفحص فيها منخفضة. 

ووفرت لوحة البيانات الإلكترونية أيضا خدمات الإحالة التلقائية إلى مستويات أعلى من الرعاية إذا وُجد أن بيانات الفحص تستدعي ذلك. 

وصاحب ذلك حملة توعية واسعة النطاق من خلال إعلانات تلفزيونية وإذاعية وكوادر صحية محلية تواصلت شخصياً مع سكان المناطق الريفية والمناطق التي تعاني من ضعف معدلات التنمية لضمان معرفة المواطنين في جميع أنحاء البلاد بالحملة وتشجيعهم على الاستفادة منها. وتم إرسال الكوادر الصحية إلى مناطق التجمعات الجماهيرية مثل المصانع، والمساجد، والكنائس والساحات العامة.



Create Account



Log In Your Account