من أوباما وترمب إلى بايدن .. أين موقع حرب اليمن في ملفات البيت الأبيض .. وهل كانت إيران هي الرابح في كل الجولات؟ (تقرير خاص)
الأربعاء 11 نوفمبر ,2020 الساعة: 11:19 مساءً
الحرف 28 - تقرير خاص

فتح فوز الديمقراطي جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية باب التكهنات بشأن موقف الإدارة الأمريكية الجديدة من الحرب في اليمن.

وزاد من التوقعات بتغيير مزعوم في السياسة الأمريكية تصريحات بايدن أثناء حملته الانتخابية عندما أعلن مرارا عزمه وقف دعم واشنطن للرياض وانهاء الحرب في اليمن.

لكن السؤال الأهم : هل اختلف موقف الديمقراطيين عن الجمهوريين في ملف حرب اليمن  أو كانا على طرفي نقيض؟

على مدى عقود، قبل عام 2000 كانت السياسة الخارجية الأمريكية تنظر لليمن من منظار سعودي، وكان الموقف السعودي حيال أي قضية يعني موقفا أمريكيا بالضرورة.

وعلى سبيل المثال، حين هاجمت جمهورية اليمن الديمقراطية (الشطر الجنوبي سابقا) عام 1979م شمال اليمن، سارعت الولايات المتحدة لتزويد الشطر الشمالي بأسلحة تزيد قيمتها عن 400 مليون دولار بطلب سعودي لإيقاف الزحف الذي تتهمه السعودية بالشيوعية والاشتراكية.

واستمر الحال على ما هو عليه من السياسة الأمريكية حتى الألفية والهجوم على المدمرة يو إس إس كول في عدن وهجمات الحادي عشر من سبتمبر في أمريكا.

وانضم متغير جديد إلى محددات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه اليمن، فكانت " لعبة" مكافحة الإرهاب.

ومع أن هذ العامل لم يؤثر كثيرا على الطريقة التي ترى بها الرياض الى الأمور في خاصرتها الجنوبية، لكنه أثر بشدة على اليمن.

في السنوات الأولى للألفية تناوب مسؤولون أمريكيون الدعوة إلى التركيز على" الإرهاب في اليمن" ، وصار اليمن بسبب النظرة الأمريكية الجديدة مرتبطا اسمه بالإرهاب إلى حد كبير، رغم أن المهاجمين في العملية الكبرى التي هزت رموز السيادة الأمريكية في أحداث سبتمبر كانوا يحملون الجنسيات السعودية والإماراتية.

إيران ..القوس الذي انطلق من بغداد واكتمل في صنعاء

بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وإعلان الشرق الأوسط الجديد، وسعت السياسة الخارجية الأمريكية من محدداتها تجاه اليمن بإضافة المنظار الإيراني، وفقا لبعض القراءات، وأرادت ضرب القوى السنية بالسياسات الطائفية لإيران.

وبعد عام واحد تماما من سقوط العراق، سُمح لمليشيا الحوثي المدعومة والمسلحة والمدربة من إيران (رغم جذورها المحلية) ببدء تنفيذ أعمالها المسلحة في صعدة،  وصناعة ثقب أسود بسياسات محلية للنظام السابق والسماح لإيران بمنافسة النفوذ السعودي غير البناء في اليمن بالقوة.

لم تتوقف المليشيا عند حد معين حتى سيطرت على كامل محافظة صعدة، وحين جاء باراك أوباما (2008) الرئيس عن الحزب الديمقراطي ونائبه جو بايدن، ازداد التقارب الإيراني الأمريكي بفعل الإعجاب الشديد على ما يُنقل عن أوباما بالحضارة والثقافة الفارسية.


باراك أوباما مع بايدن

وتُوج التقارب الإيراني الأمريكي في 2014 باتفاقية مؤقتة للبرنامج النووي الإيراني لمدة ستة أشهر ثم اتفاقية العمل المشترك الدائمة مقابل رفع العقوبات عن إيران وتسليمها مئات المليارات من الدولارات من أموالها المجمدة.

كان زيادة النفوذ الإيراني في اليمن أحد المغريات المقدمة لإيران مقابل الدخول في الإتفاقية النووية، فسقطت صنعاء والجمهورية في 2014 بنفس العام الذي اتفق فيه الخمسة الكبار زائدا ألمانيا مع طهران.

واللافت أن الحوثيين عندما كانوا يزحفون الى صنعاء كان الأمريكيون وهم إحدى أهم الدول الراعية للانتقال السلمي للسلطة والحوار الوطني، يقومون بإحراق الوثائق في سفارتهم بصنعاء ويسمحون بالانقلاب المسلح على إرادة اليمنيين، قبل الرحيل، وجاء الأمر في سياق دعم خليجي أعمى لثورات مضادة اطاحت بالعديد من العواصم المنتفضة ضد الديكتاتوريات.



يشير ضابط الإستخبارات السعودي وعضو مجس الشورى السعودي السابق اللواء انور عشقي في مقابلة مع قناة "روسيا اليوم" في 2015 إلى اتفاق ضمني بين الحوثيين وواشنطن لاقتحام صنعاء "ووعدوا الرئيس باراك أوباما بمكافحة الإرهاب".

أما الإمارات فهي الدولة الخليجية التي قال عشقي إنها دفعت للحوثيين مليارات الدولارات لضرب حزب الإصلاح، وكانت الرياض تفتح قنوات اتصال مع عبدالملك الحوثي لكسب ولائه وإبعاده عن إيران.

بصورة من الصور استخدمت واشنطن السياسة والأموال الخليجية لتمرير صفقتها مع طهران قبل أن تفتح المشهد على مصراعيه لواحدة من أكثر الحروب دمارا في المنطقة، تمهيدا لطريق صعب لا يبدو أنه سينتهي في اليمن.

استغلت واشنطن اندفاعة الرياض خلف مخاوفها من الثورة في اليمن، فأخذت معها تداعيات الاتفاق النووي الإيراني الإقليمية وسمحت بتمرير نفوذ طهران في صنعاء، ففتحت ثقبا أسود لابتلاع ثروات وضرب الف عصفور بحجر.

ولم تستيقظ الرياض من صدمة الحفرة التي شاركت بصناعتها لليمنيين إلا على تصريحات طهران وهي تحتفل بإسقاط العاصمة العربية الرابعة.

لقد شهدت واشنطن واحدة من أكثر السياسات تضاربا في الوقت نفسه : السماح بإسقاط صنعاء من قبل الحوثيين وصالح، وإطلاق حملة عسكرية لمواجهتهم من خلال عاصفة الحز م في 26 مارس 2015م، من واشنطن.


الجبير يعلن انطلاق عاصفة الحزم من واشنطن

وأظهرت سنوات الصراع أن الحرب كانت هدفا لإعادة رسم خرائط ومساحات النفوذ وكانت اليمن هي ساحة التجريب الأولى لمشروع قد لا يتوقف عند حدود البلد الذي تمزقه الحرب بلا أفق.

تقول  البعض التحليلات إن أمريكا سمحت لإيران بنفوذ قوي يشمل شمال اليمن وغربه شمال باب المندب، بينما لم تسمح للسعودية من تطهير حدودها من النفوذ الإيراني، أو أنها استغلت التخبط السعودي الذي زرعت في قلب نظامه بذور التصدع بإطلاق منافسة شديدة داخل العائلة وبدء العد التنازلي للسقوط الكبير.

اللافت أن الحرب إشتعلت في العامين الأولين في عهد الديمقراطيين، وأوشكت ان تكمل عامها السادس مع نهاية حكم الرئيس الصاخب الجمهوري ترمب، وهو أكثر الرؤساء الأمريكيين إظهارا للعداوة مع إيران.

مع ذلك فإن الحرب تراوح مكانها ويزداد النفوذ الإيراني تغلغلا فيما انصرفت الرياض وحليفتها ابوظبي الى تمزيق المناطق التي تم استعادتها من قبضة الحوثيين.

وفي كل الأحوال فإن مرونة الديمقراطيين مع إيران لم تجعل جنون ترمب فتاكا لإزاحة طهران من اليمن، وكان الرجل أكثر إصرارا على اتباع نهج سلفه في الواقع رغم كل المضاربات العدائية في سوق الإعلام.

فهل ستتغير السياسة الأمريكية تجاه اليمن بعد مجيئ بايدن ورحيل ترمب عن البيت الأبيض؟

بالنسبة لأمريكا فإن محددات سياستها في اليمن لم تتغير كثيرا، ولا زال تأمين طرق التجارة البحرية هو العامل الثابت في فهم وطريقة عمل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه اليمن بغض النظر عن هوية رئيس البيت الأبيض.

كما أن الحرب بنظر الاستراتيجيين الأمريكيين ربما تكون قد حققت أهدافها الآنية والإستراتيجية، بإغراق حليفتهم الكبرى في مستنقع ، وتثبيت واقع يجعل من البلد الأكبر في المنطقة عرضة للضربات التي ستنال منه في النهاية وإدارة صراع طويل يسمح لواشنطن بالمزيد من التحكم في مصير المنطقة.

لقد حدث الانقلاب الحوثي و توسع النفوذ الإيراني بالقوة المسلحة في عهد أوباما، ولم يدن أحد على مستوى العالم إسقاط صنعاء بالقوة المسلحة، وفي المقابل أعلنت السعودية عاصفة الحزم من واشنطن في عهد أوباما ونائبه بايدن الذي سيصبح رئيسا بعد عهد جمهوري.

وفي العام التالي اقترحت واشنطن رؤية للحل في اليمن تقوم على نظرة أوباما أو الحزب الديمقراطي مفادها تقاسم النفوذ بين السعودية وإيران.

وسميت الرؤية الأمريكية وقتها بمبادرة كيري للسلام في اليمن.

أعلن كيري خطته بعد عقده اجتماعا مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي بمدينة جدة السعودية بحضور وزير بريطاني ومبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد آنذاك في أغسطس 2016 لمناقشة سبل إيقاف الحرب المستمرة.


كيري برفقة وزراء خارجية بريطانيا والسعودية والإمارات

لم تنجح تلك الخطة، بشكل أدق، لنقل أن الظروف الميدانية على الأرض لم تكن تناسب تلك الخطة، وكان لدى الرئيس هادي مساحة للمناورة والحرب بالكاد أكملت عامها الأولى.

وبينما تحددت مسارات الحرب التي أسندت  للتحالف باليمن في عهد أوباما بالحدود الشطرية لدولتي اليمن السابقتين، ومنع تجاوزها والتركيز على محاربة القاعدة خلال العام 2016 وتأمين باب المندب، فإن المسموح به في عهد ترامب لم يكن متغيرا كثيرا ومنعت إدارة ترامب الجمهوري خطة التحالف بالسيطرة على الحديدة.

وأوقفت تقدم قوات محلية على بعد أربعة كيلو مترات من السيطرة على ميناء الحديدة، في مؤشر واضح على أن تقسيم اليمن بين النفوذ الإيراني والسعودي  مؤقتا عامل ثابت في السياسة الأمريكية لا يختلف فيه الديمقراطيين عن الجمهوريين إلا بأشياء محدودة لا تكاد تذكر.

وفي عهد الجمهوري ترمب "العدو اللدود" لإيران تمكنت طهران من توجيه ضربة قاسية استهدفت درة تاج الإقتصاد السعودي "أرامكو" ومهاجمة ناقلات نفطية في الخليج .

في المقابل؛ ترفض واشنطن منذ أكثر من عقد تصنيف جماعة الحوثيين كمنظمة إرهابية، رغم اختطافها عدة مرات لمواطنين أمريكيين في اليمن، أو لأمريكيين من أصل يمني، واقتحامها للسفارة الأمريكية في صنعاء، ورغم علاقاتها بإيران واعتراض البحرية الأمريكية نفسها أكثر من مرة لشحنات أسلحة إيرانية في طريقها إلى صنعاء.

والعقوبات الأمريكية هي أحد مؤشرات الغضب أو الرضى الأمريكي عن أي جهة في العالم، وهي مفروضة بشدة على طهران، ومليشيا عصائب الحق في العراق وحزب الله في لبنان، رغم أن تلك الجهات لا تجرؤ على اختطاف أمريكيين.

كما أن واشنطن فرضت عقوبات حتى لو كانت ضعيفة على عدد من الأشخاص حول العالم بما فيهم مسؤولين إيرانيين بتهمة انتهاك حقوق الإنسان.

لكنها لم تفعل ذلك مع قادة مليشيا الحوثي المسؤولين عن التعذيب في اليمن بتوثيق لجنة خبراء العقوبات التابعة لمجلس الأمن وتقرير هيومن رايتس ووتش وتقارير لجنة الخبراء البارزين بمجلس حقوق الإنسان وتقارير إعلامية عديدة.

كما لم تفرض واشنطن أي عقوبات جديدة بموجب حالة الطوارئ التي كانت معلنة في واشنطن تجاه الأزمة اليمنية، وهو الموقف نفسه  تجاه مهربي الأسلحة الإيرانيين رغم معاقبة واشنطن للمتعاملين مع إيران تجاريا في هذا النشاط.


كذلك لم تشن الولايات المتحدة أي ضربات جوية تستهدف قيادات حوثية أو مراكز تدريب لها رغم استهداف واشنطن بعدة ضربات لمليشيات موالية لإيران في سوريا والعراق،.

وقد استهدفت واشنطن قادة الحرس الثوري قاسم سليماني والحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، وزعمت تنفيذ ضربة جوية بنفس اليوم مطلع العام الجاري لعبدالرضا شهلائي القيادي في الحرس الثوري باليمن، لكنها لم تنفذ أي ضربة على مرافقي أو مسؤولين حوثيين يتبعون شهلائي.

الاتفاق بين الحزبين على الدور البريطاني


يتفق الحزبان الديمقراطي والجمهوري على تكليف بريطانيا، المستعمر السابق لجنوب اليمن، وحليف الإمامة الوثيق في شماله، بمقاربة الحل في اليمن من نافذة مجلس الأمن.

وفي هذا السياق، أسندت القوى الكبرى للبريطاني مارتن غريفث مهمة العمل مندوبا للأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى اليمن.

تقوم الرؤية البريطانية في اليمن على حكم طائفي شمال اليمن موال لإيران، وتحاول إقناع مزاج سعودي قديم بأن الحوثي منتج محلي خالص يمكن التعامل معه كما حدث سابقا مع أسلافه الأئمة وهو ما قاله بصريح العبارة مايكل آرون قبل عام في مقابلة مع صحيفة سعودية، كانت تحمل دعوة ضمنية للتعامل مع سلطة الحوثيين كأمر واقع.


المبعوث الأممي مارتن غريفيث يلتقي رئيس المجلس السياسي للحوثيين مهدي المشاط

و تسعى لندن لتقسيم جديد في جنوب اليمن يسمح لها وللسعودية وللإمارات بممارسة نفوذهم على أكمل وجه وترك الشمال للحوثي.

وساهمت هذه الرؤية في تعزيز الموقف الأمريكي الذي يرى أن مبادرة الديمقراطيين في عهد أوباما لتقاسم النفوذ بين إيران والسعودية مازالت هي الأنسب.

وسبق لسلطة ترمب طرح مقترح عبر وزير دفاعه جيمس ماتيس نهاية 2018 عندما اقترح انهاء الحرب وتوقيع اتفاق سلام بين السعودية والحوثيين واقامة منطقة حدودية منزوعة السلاح بعمق 30 كيلو متر ونزع الصواريخ البالستية من الحوثي.

وتُرجمت الرؤية البريطانية في شكل التحركات الأمريكية ونظرتها تجاه الصراع السعودي الإيراني في اليمن، في زيارة ديفيد شنكر مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى قبل هجمات إيران على منشآت أرامكو بأسبوع واحد فقط.

ونقل المسؤول الأمريكي حينها للسعوديين وتحديدا لخالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي، أنّ واشنطن تجري محادثات مع المتمردين اليمنيين بهدف إيجاد حل “مقبول من الطرفين” للنزاع اليمني.

وحسب ما نشر فإن هذه الخطوة تأتي ضمن رؤية أمريكية تقوم على إحياء مبادرة جون كيري، وفتح قنوات اتصال مباشرة مع الحوثيين، وجعل الملف اليمني أحد المحاور الرئيسية لأي اتفاق بين واشنطن وطهران.

وقالت صحيفة العرب في أغسطس إن امتعاضا خليجيا ظهر من إحياء الجمهوريين مبادرة جون كيري الديمقراطي تجاه اليمن التي تركز على تقسيم اليمن بين الرياض وطهران بعد أن كان حديقة خلفية محصورة للسعودية طوال أربعة عقود على الأقل.

عودة الديمقراطيين إلى الحكم: ما الذي سيتغير؟

لقد هُزم الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية، وعاد جو بايدن نائب أوباما وصديقه المقرب إلى البيت الأبيض رئيسا.

ويطلق على نائبة بايدن كامالا هاريس، النسخة النسائية من أوباما الفكرية والسياسية، لكن سيناتورا ديمقراطيا منتخبا يُدعى رو خانا قال في أول تصريح له إن واشنطن ستوقف تمويل واشنطن لحرب السعودية في اليمن.

وكانت إدارة ترامب قد قايضت مليشيا الحوثي على عودة 250 عنصرا حوثيا بينهم كبار القيادات من الخارج إلى صنعاء منتصف الشهر الماضي مقابل إفراج الحوثيين عن مختطفين أمريكيين في صنعاء.

وفي عهد ترمب عززت إيران نفوذها واعترفت لأول مرة، منذ انقلاب الحوثي، بدولته وأرسلت قياديا في الحرس الثوري (حسن أيرلو) سفيرا لها إلى صنعاء، بجانب القيادي في الحرس الثوري في صنعاء عبدالرضا شهلائي.

وارتفعت نبرة طهران مجددا مع تأكدها من فوز بايدن، برسالة وجهتها الخارجية الإيرانية إلى دول الجوار لبدء حوار بينهم، وهي ذات النبرة التي علت عند توقيع الاتفاق النووي في 2015م.


وزير الخارجية الإيراني يدعو دول الجوار للحوار 

يعمل مارتن غريفث منذ فترة على ما يسمى الإعلان المشترك بعد نجاح اتفاق السويد في منع تحرير الحديدة وطرد الحوثيين منها، والحفاظ على ميناء بحري لمليشيا الحوثي.

وقد ظهرت بوادر الإعلان المشترك مع سقوط جبهتي نهم والجوف بأيدي الحوثيين مطلع العام الحالي، وينص الاتفاق المشترك على وقف لإطلاق النار وإجراءات سياسية واقتصادية وفتح الطرقات.

وتعتبر هذه الخطوات تكريسا لمضمون مبادرة كيري مع واقع عسكري متغير لصالح مليشيا الحوثي، وتفكك في جانب معسكر الشرعية بتنفيذ إماراتي وفقا لمخطط بريطاني لا تعارضه واشنطن.

وترتكز الرؤية البريطانية على فكرة توزيع أطراف الصراع على نحو يجعل تعدد الأطراف في جانب الشرعية أمرا واقعا، وقد تم تمريره في انقلاب عدن،عبر الإمارات مقابل كتلة متماسكة وصاحبة قرار يمثلها الحوثي.

وتكثف الضغط البريطاني الموجه على الرئيس هادي بشكل واضح في الأسابيع الأخيرة عبر السفير البريطاني مايكل آرون، وتقول مصادر مطلعة إن مارتن غريفيث أبلغ هادي أن أي حل في اليمن يعني بالضرورة رحيله عن السلطة، وهو ما يرفضه هادي.

ماذا سيحدث في عهد بايدن ؟

ونقلت رويترز عن نيل كويليام الزميل الباحث في تشاتام هاوس المنظمة التي تفكر لصالح الحكومة البريطانية، إن إدارة بايدن ستسعى على الأرجح لإبداء عدم رضاها مبكرا عن السياسات الداخلية والخارجية السعودية.

وقال "القيادة السعودية يقلقها أن تجري إدارة بايدن والكونجرس المعادي لها مراجعة كاملة للعلاقات بما في ذلك إعادة تقييم العلاقات الدفاعية ومن ثم فستسعى على الأرجح لإطلاق إشارات وخطوات إيجابية باتجاه إنهاء حرب اليمن".

وأيا يكن الأمر، فالثابت أن سياسة الإدارات الأمريكية المتعاقبة الخارجية لم تكن متنافرة سيما في منطقة الشرق الأوسط، وبالنسبة لإيران وتعزيز النزاع الطائفي، فقد تناوب الجمهوريون والديمقراطيون على تمكين الدور الإيراني في مسار من التكامل، بدءا من الغزو الجمهوري للعراق، والتواطوء الديمقراطي في اليمن.




مع ذلك فإن إنهاء الحرب تماما أمر غير مرجح لاعتبارات متعلقة بتجارة السلاح الدولية من جانب ، فضلا عن الجذور المحلية للصراع بالإضافة إلى أن إيران تنظر إليها كورقة استنزاف هائلة للسعودية، كما أن أطرافا حوثية لا تريد وقف الحرب، خصوصا من الجانب المؤدلج إيرانيا.




وقبل مصرعه، غيلة ، في حادث غامض قال حسن زيد المسؤول في حكومة الحوثيين في صنعاء غير المعترف بها دوليا إن إيران لا تريد وقف الحرب في اليمن، ما يعني أن الحرب ستأخذ أبعادا متصاعدة مجددا على الأرجح مع شعور الحوثي بالتقدم محليا وإيران بالانفراج والتخفف من ضغوط ترمب.


كما أن أي اتفاق في ظل الإضعاف الممنهج من أبوظبي وحليفتها الرياض  للشرعية  التي انتهت الى أشباح من الدمى المرتهنة وفاقدة القرار، سيعزز من قوة الحوثيين وأطماع إيران، ومن شأن هذه النتيجة أن تجعل الرياض بين فكي كماشة النفوذ الإيراني في العراق شمالا والحوثيين جنوبا بما يمثله من تهديد جيوسياسي ضخم لا يمكن للرياض مواجهته.



وقتها ربما سيكون على السعودية تجرع كأس السم وانتظار ارتدادات داخلية لتصدع داخلي يضرب العائلة ومواجهة انتفاضة تشبه تلك التي بدأها الحوثيون في صعدة، لكن في مناطق المملكة الشرقية والجنوبية.

تلك خاتمة تشجعها مخططات تقسيم على أسس طائفية وجهوية تناوبت مراكز بحثية ووسائل إعلام غربية على اطلاقها منذ عقود، كعلاج لأمراض المنطقة، أما السياسة السعودية فلم تتوقف عن إنتاج الظروف المثالية لتطبيقها بحسب الكثير من التحليلات.


Create Account



Log In Your Account